من النجمات المنسيات فى الفن المصرى والعربى الفنانة إحسان شريف، التى يعرفها كل الجمهور العربى ببنت سلطح بابا، فى الفيلم الشهير والمحبب لدى الجميع "إشاعة حب"، فخفة ظلها وتلقائيتها الشديدة جعلها فى الذاكرة لدى كل الجمهور.
"من المؤكد أننا نحفظ حوارا ذلك الفيلم: تعالى يا حسين، دوق الكريب سوزيت اللى عملاه مرات عمك برجليها.. قصدى بإيديها"، هذه الطريقة الساخرة التى تحدث بها يوسف وهبى "عبدالقادر النشاشئي" فى فيلم "إشاعة حب"؛ كانت مؤشرًا للعلاقة التى تجمع بينه وزوجته "بهيجة بنت سلطح"، والتى قامت بدورها الفنانة إحسان شريف.
"الكريب سوزيت ده.. مفيش غير عيلتين بس هما اللى يعرفوا يعملوه.. عيلة طبق زادة وعيلتى أنا"، قالتها "بهيجة" بفخر، ليرد عليها يوسف وهبى ساخرًا: "آه عيلة سلطح برطع زادة"، الفيلم الذى استطاع مخرجه فطين عبدالوهاب أنَّ يقدم كوميديا مختلفة من خلال ممثلين معروف عنهم الجدية والدراما، ليقدم أنجح أفلام السينما المصرية.
"عبدالقادر يا ابن النشاشئي"، "بهيجة يا بنت سلطح بابا".. مجرد خناقة بين زوجين، ولكن الطريقة التى قُدمت بها كانت كفيلة بانتزاع الضحكات فتلك الشخصية حققت لها شهرة واسعة، على الرغم من أنها قدمت الكثير من الشخصيات والأدوار المهمة فى أعمال سينمائية مع عدد من النجوم.
وقبل الخوض فى تفاصيل الحياة الفنية والشخصية للفنانة إحسان شريف نؤكد أنها من ضمن المنسيون والمنسيات فى الفن وهم كوكبة من الفنانين الذين أمتعونا بأدوارهم حتى ولو كانت صغيرة، فهم كما أطلق عليهم الفنان رشدى أباظة "طبق السلطة الشهى على مائدة الفن"، والكثير منا لا يُعرف أسماؤهم الحقيقية وقصص حياتهم وكيفية دخولهم عالم الفن وهم بالمناسبة ليسوا كومبارس بقدر كونهم فنانين لهم أدوار مؤثرة فى السينما أو يقدمون أدوارا مساعدة، وبعضهم تطور من تقديم أدوار صغيرة لتقديم أدوار أساسية فى الأفلام مع أبطالها، وحقهم علينا أن نعرف الجمهور بهم ليُعرف أسماؤهم مثلما يحفظ وجوههم وهم بالمناسبة يتعدى عددهم الـ1000 فنان وفنانة، وأغلبهم لم ينالوا حظهم من النجومية والشهرة كغيرهم من نجوم الصف الأول والثانى، إلا أنهم بأدائهم الصادق وتفانيهم فى العمل نالوا محبة الجمهور، وتركوا بصمة خاصة فى تاريخ السينما المصرية.
قدمت إحسان شريف العديد من الأدوار المميزة، أبرزها فيلم "أين عمرى"، عن رواية إحسان عبدالقدوس، "النمر الأسود"، "إشاعة حب"، "البوسطجى"، "صلاح الدين الأيوبى"، "أم العروسة"، "مضى قطار العمر"، "الغريب"، "الرصاصة لا تزال فى جيبى"، وآخر أعمالها فيلم "شهد الملكة" مع الفنانة نادية الجندى، ولمعت فى أدوار الثرية الأرستقراطية ذات النفخة الكدابة، ولكنها مع ذلك قدمت أنماطا مختلفة، أظهرت من خلالها موهبة كبيرة لم تجد حظها سوى فى الأدوار الصغيرة الموثرة نسبيا.
عند بداياتها سنجد أنها بدأت مع عدة فرق مسرحية بأدوار صغيرة وقبلها عملت فى المسرح، بعد أن تتلمذت إحسان شريف، على يد الفنان الكبير زكى طليمات والذى تزوجته أيضا بعد طلاقه لفاطمة اليوسف الشهيرة بروزا اليوسف، وقدمت أكثر من 96 عملًا فنيًا؛ شاركت فيها الفنانة إحسان شريف، صاحبة أشهر عبارة "بلدى أوى يا حسين"، واستطاعت ترك بصمتها فى عدد من الأعمال، مهما كان عدد المشاهد التى تقدمها، أبرزها مشاركتها فى فيلم "أم العروسة" أمام عماد حمدى، وتحية كاريوكا، اكتفت طوال مشاهدها بـ"مصمصة الشفايف"، ولم تنطق كلمة واحدة إلا فى نهاية الفيلم، الأمر الذى جعل حسن يوسف والذى جسد دور "شفيق" الذى يريد الزواج من الشقيقة الثانية، أنَّ يتهكم عليها "يعنى نطقتى دلوقتى".
ومن أشهر أدوارها أيضا دورها كراهبة الكنيسة فى «الناصر صلاح الدين» مع أحمد مظهر، ودور داية القرية فى «البوسطجى» مع شكرى سرحان، ودور الأم فى «أنف وثلاث عيون» و«الرصاصة لا تزال فى جيبى» مع محمود ياسين، «النمر الأسود» مع أحمد زكى، «خرج ولم يعد» مع يحيى الفخرانى وملامح العجز والشيخوخة كانت واضحة خلال مشاهدها فى فيلم "النمر الأسود"، وإنها كانت تعمل وهى تكاد تقف على قدميها، مما يعنى أنها عملت لآخر لحظة، ورحلت إحسان شريف يوم 8 من سبتمبر عام 1985، تاركة إرثًا فنيًّا خلّد اسمها بعد رحيلها.