أثرى الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن الذى الفن بكتابات تؤرخ لذاكرة الوطن وتسجل مراحل هامة من تاريخ مصر ورموزها، فكتب مسلسلات بوابة الحلوانى وأم كلثوم وسليمان الحلبى وليلة سقوط غرناطة وعنترة، ساعة ولد الهدى، والزير سالم وغيرها، كما كتب أفلام ناصر 56 وحليم والقادسية وكوكب الشرق، وغيرها، إضافة إلى العديد من المسرحيات الهامة، ومنها ببلقيس وعريس لبنت السلطان وحفلة على الخازوق ومحاكمة السيد ميم ووالسندباد البحرى والحامى والحرامى وغيرها.
تخرج الأديب الكبير محفوظ عبدالرحمن من من جامعة القاهرة عام 1960 وكان يهوى الكتابة والقراءة منذ طفولته، وبعد تخرجه عمل بعدد من الصحف ومنها دار الهلال واستقال منها عام 1963 ليعمل فى وزارة الثقافة، ودار الوثائق التاريخية وهو ما ساعد مع ولعه فى دراسة وقراءة التاريخ فى إهدائنا أشهر حكاء لقصص التاريخ، واستطاع بذلك أن يهدى الدراما المصرية أعظم أعمالها.
ومن أشهر وأهم أعمال الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن الذى رحل عن عالمنا فى 19 أغسطس عام 2017، ناصر 56 وأم كلثوم، وفى حوار مع الفنانة الكبيرة سميرة عبدالعزيز زوجة حكاء الدراما تحدثت لـ"عين" عن كواليس كتابة هذه الأعمال الهامة التى تناولت سيرة شخصيتين من أهم الشخصيات.
وقالت سميرة عبدالعزيز إن الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن كان يختار الشخصيات التى يرى أنها قدمت شيئا عظيما لمصر.
وأوضحت: «محفوظ كان وطنيا جدا ووضع مشروعا للتليفزيون لكتابة سيرة 10 شخصيات أثرت فى تاريخ مصر لتكون قدوة للشباب، وكان على استعداد أن يشارك معه مؤلفين آخرين».
وتابعت: «وقتها قابل ممدوح الليثى ووضع أسماء 10 شخصيات، منها عبدالناصر، وأم كلثوم، وطلعت حرب، وعبدالله النديم، وعبدالحليم، وبالصدفة كان أحمد زكى موجودا فى هذا اللقاء، ووضع إصبعه على اسم الزعيم جمال عبدالناصر، وقال: أنا هاعمل ده، فقال له محفوظ: «ماتنفعش يا أحمد، عبدالناصر جامد وأنت قليل».
وتابعت: «أحمد زكى كان هيتجنن على الدور، واشترى بدلة منجدة وعمل سوالف بيضا وركب مناخير، وفى صباح أحد الأيام طرق باب منزلنا فى الثامنة صباحا، وأصبت بالذهول عندما رأيته أمامى وكأنى أرى عبدالناصر، فقال لى: «فين الأستاذ»، وكان محفوظ نائما، فقال «صحيه»، وبالفعل قلت لمحفوظ: «قوم عبدالناصر بره»، وبمجرد أن رأى أحمد زكى قال له: «خلاص يا أحمد هاكتبهولك وهتعمله والله».
وكشفت سميرة عبدالعزيز أن الفنان أحمد زكى كان ينوى إجراء جراحة لتكبير أنفه مثل عبدالناصر، ولكن محفوظ عبدالرحمن أقنعه بأن يستوحى روح عبدالناصر، ونصحه بسماع خطبه وأعطاه كتابين حصل عليهما من هدى عبدالناصر، وقال له: «شوف روح عبدالناصر ومش مهم الشكل».
توضح سميرة عبدالعزيز أن «ناصر 56»، كان مقررا أن يكون سهرة تليفزيونية، فاعترض أحمد زكى، وقال: «لو اتعمل سهرة تليفزيونية هتتركن وماحدش هيشوفها، لازم يبقى فيلم سينمائى، ولو التليفزيون مش عاوز ينتجه أنا هانتجه»، ولكن ممدوح الليثى قرر أن ينتجه التليفزيون، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً".
وأكدت الفنانة الكبيرة أن زوجها محفوظ عبدالرحمن لم يجمل الشخصيات التى كتب عنها، وكان يستند إلى وثائق وحقائق ولا يفتعل أحداثا لزوم الحبكة الدرامية، وأنه فعل ذلك خلال كتابة سيرة أم كلثوم.
وحكت سميرة عبدالعزيز كواليس وأسرار كتابة مسلسل سيرة أم كلثوم، وكيف تعامل حكاء الدراما مع ما سمعه من شائعات حول زواجها وما أشيع عن بخلها، قائلة: «عاصرت الكثير من هذه الشائعات ومنها ما سمعه محفوظ من أحد مديرى الإذاعة، عندما عرف أنه يكتب سيرة أم كلثوم فقال له: «أنا وأم كلثوم اتخطبنا ولبسنا دبل لمدة شهرين» .
وأوضحت أن محفوظ عبدالرحمن رد عليه قائلا: «تفتكر هاكتب إن أم كلثوم لبست دبل مع شخص وماذا يفيد الناس فى ذلك، أنا أكتب عمن شجعها على الغناء وسجل لها وأدخلها الإذاعة».
وأضافت: «ذهبنا لجمع المعلومات عن أم كلثوم من قريتها طماى الزهايرة، وأكد أحد الفلاحين أن أم كلثوم كانت متزوجة فى البلد، وأنه كان شاهدا على عقد زواجها، فأعطاه محفوظ 100 جنيه، وقال له «هات لى صورة من شهادة الزواج»، فذهب الرجل ولم يعد».
وتابعت: «وصلنا إلى الست عبدية المنديلى أقرب صديقات أم كلثوم وتحدث معها محفوظ فقالت له: «على مسؤوليتى، أم كلثوم تزوجت الكاتب الصحفى مصطفى أمين، وأنا رأيته فى بيتها بالبيجامة».
وأكدت سميرة عبدالعزيز أن الكثيرين كانوا يقولون بزواج أم كلثوم ومصطفى أمين، قائلة: «محفوظ قلب الدنيا فى مصلحة الأحوال المدنية وكلف عددا من المحامين والموظفين للبحث عن أى أوراق تثبت زواج أم كلثوم، فلم يصل إلى أى وثيقة تثبت زواجها من مصطفى أمين، وقال «أنا مش بتاع إشاعات ولم يستند إلى كلام صديقة أم كلثوم المقربة».
وأضافت: «لم يصل محفوظ إلا لوثيقتين تثبتان زواج أم كلثوم، الأولى من أحد أعضاء نقابة الموسيقين وهو زواج على الورق استمر لمدة 24 ساعة، وكان هدفه تسهيل سفرها للعراق، حيث لم يكن مسموحا وقتها بالسفر دون زواج، والثانية من الدكتور الحفناوى أستاذ الجلدية».