فى كثير من الأحيان قد يمنح الحظ محدودى الموهبة أكثر مما يستحقون بكثير، حتى يأتى لهم المهللون والمنتفعون ليصفقون لهم، فيتوهم هؤلاء المحظوظون، أنهم استثنائيون، من بين هؤلاء المخرج أو الطبيب بيتر ميمى، الذى لم يفلح فى مهنة الطب، فاتجه لعالم الإخراج باحثا عن الشهرة والأضواء.
كانت بداياته من خلال فيلم "سبوبة"، وهو اسم على مسمى، كان منتجه وسام حسن، شاب بسيط معه بضعة آلاف، لكنه كان لديه حلم التمثيل والشهرة، استغله بيتر ميمى بعدما وعده بأنه سيعطى له دورا رئيسيا فى الفيلم إذا شارك فى إنتاجه، الفيلم ضم مجموعة كبيرة من الممثلين الثانويين، مثل راندا البحيرى وخالد حمزاوى، وتم طرح الفيلم بالفعل فى صيف 2012 ولم يحقق أى نجاح سواء كان نقديا أو فنيا؛ لضعفه من مختلف الجوانب.
جلس بيتر فى منزله عامين كاملين يبحث هنا وهنا دون جدوى، بعدما فشل فيلمه "سبوبة"، ليعود فى 2014 بفيلم "سعيد كلاكيت"، أنتجه رجل لبنانى كان يرغب هو الآخر فى الشهرة، فاستغله بيتر ميمى، ولكن المنتج هرب ولم يسدد باقى أجور الممثلين، وعُرض الفيلم، وفشل فشلا ذريعا كفيلم بيتر الأول "سبوبة".
استمر بيتر فى محاولاته هنا وهنا يبحث عن الشباب الميسورى الحال الذين يبحثون عن فرصة للتمثيل، ليستغلهم بيتر ويقنعهم بأنه "سينجمهم"، وذلك لإنتاج فيلمه الجديد "حارة مزنوقة"، ليجد فى طريقه الشاب محمد هشام عامر، الذى ساهم بنسبة كبيرة فى إنتاج الفيلم، وبالفعل أسند له بيتر دورا رئيسيا فى الفيلم رغم عدم قدرة عامر التمثيلية على هذا الدور، وفشل الفيلم أيضا فشلا كبيرا، حتى تم رفعه من دور العرض السينمائية، بعد طرحه بأيام قليلة.
واستمرت محاولات بيتر ميمى الإخراجية مع أفلام لا قيمة لها ولا هدف، ليصبح هو المخرج الرسمى لأفلام بير السلم، حتى جاءت له فرصة إخراج الجزء الأول من مسلسل "الأب الروحى"، ورغم أن العمل حقق تواجدا جيدا فى الشارع؛ لبراعة مؤلفه الشاب هانى سرحان، إلا أن العمل احتوى على أخطاء إخراجية فادحة.
وعلى الرغم من الأخطاء الإخراجية الكارثية فى الجزء الأول من مسلسل "الأب الروحى"، إلا أن الحظ جاء فجأة لبيتر ميمى، المحدود فنا وموهبة وأرشيفا، ليُخرِج الجزء الأول من مسلسل "كلبش"، حيث استعانت به الشركة المنتجة فى اللحظات الأخيرة، وقبل بدء التصوير بيوم واحد، بعدما اعتذر عنه العديد من المخرجين، منهم المخرج الشاب أحمد خالد أمين، الذى سبق وأخرج لأمير كرارة مسلسل "الطبال"، ولأن الحظ قرر أن يأتى لبيتر ميمى بلا حساب، نجح العمل نجاحا كبيرا، وذلك لعدة أسباب؛ منها نجاح الفنان أمير كرارة فى تقديم شخصية ضابط بشكل احترافى، والسيناريو والحوار المتميز للمؤلف باهر دويدار، خاصة أن العمل كانت تدور أحداثه فى أجواء بوليسية، وهى تيمة فنية كان يفتقدها الجمهور بشدة، لذلك لاقت نجاحا كبيرا، ولارتباط الجمهور بالمسلسل نجح الجزآن الثانى والثالث، خاصة بعدما تبنته الشركة الأهم والأقوى، وهى سينرجى، لتوفر للعمل ميزانية متميزة وتقنيات حديثة، ليلقى العمل نجاحا كبيرا، رغم الأخطاء الإخراجية التى اكتشفها الجمهور العادى، وليس النقاد.
وفى موسم رمضان الماضى قدمت شركة سينرجى مسلسل "الاختيار"، عن بطولات الشهيد البطل أحمد صابر المنسى، ووفرت بالفعل الشركة المنتجة ميزانية ضخمة؛ لتقدم عملا يليق بجنودنا البواسل، فحقق العمل نجاحا كبيرا للغاية، وذلك لعدة أسباب؛ منها سيرة منسى البطل الشعبى الشجاع الذى كان ينتظر حكايته الجميع، كذلك الدعم الكامل من الشئون المعنوية والشركة المنتجة، والكفيلة بأن تضع أى عمل فى المقدمة، كذلك شعبية النجم أمير كرارة، كل هذه الأسباب كانت كفيلة بالنجاح الكبير للعمل، حتى ولو تمت الاستعانة بطالب فى الفرقة الأولى بمعهد السينما قسم إخراج، كان سيظهر فى أقوى حالاته.