قد يظن الكثيرون أن أغنية "عم حمزة" التى غناها الفنان محمد فؤاد، متحدثا بلسان التلامذة أغنية حديثة، ظهرت ضمن أحداث فيلم "رحلة حب"، وغناها فؤاد لناظر المدرسة الأستاذ حمزة، وقد لا يعرفون أن عم حمزة شخصية حقيقية غنى لها التلامذة منذ أحداث ثوة 1919، بل غنى لها الثوار فى عدة أجيال، وانتقدها الأديب الكبير عباس محمود العقاد، لدرجة أنه وصف الأغنية بأنها مبتذلة.
وفى عدد نادر من مجلة الموعد صدر فى مارس عام 1969، نشرت المجلة موضوعا عن تاريخ أغنية عم حمزة وحكايتها، وذكرت أن أول من كتب أغنية لعم حمزة هو الدكتور محمود حفنى، وكان ذلك عام 1919، حين كان معتقلا فى سجن القلعة مع مجموعة من أصدقائه، بعد خروجهم فى مظاهرة، احتجاجا على اعتقال سعد باشا زغلول.
وكانت كلمات الأغنية تقول: "يا عم حمزة، إحنا التلامذة، واخدين على العيش الحاف، والنوم من غير لحاف، مستعدين، ناس وطنيين، دايما صاحيين، إحنا التلامذة، يحيا الوطن، جونى يا خلايق، نصاب وسارق، بيسف فيها، مبلط ولازق، ونازل فينا تمويت، تقولش إحنا كتاكيت، حاجة بالقوة، وعامل فتوة، يا إحنا يا هوه، وإحنا التلامذة، يا عم حمزة، يحيا الوطن".
وأشارت الموعد إلى أن عم حمزة كان شخصية حقيقية وهو حارس سجن القلعة، الذى كان متعاطفا مع الطلاب، ورفض معاملتهم بقسوة.
وبعد سنوات عادت هذه الأغنية للظهور فى أحداث جديدة، عندما كتبها صلاح جاهين فى العهد الناصرى بنفس الاسم (عم حمزة)، وقال فى مطلعها «يا عم حمزة، إحنا التلامذة، جن وبلاوى مسيحة، من غير مؤاخذة نكبر ما نكبر، الله أكبر طول الزمان ع الامتحان داخلين مبارزة».
وثالث مرة ظهر فيها «عم حمزة» كانت عندما كتب الشاعر أحمد فؤاد نجم، قصيدة تحمل نفس الاسم ولحنها الشيخ إمام، على خلفية صدام النخبة والطلاب مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان مطلعها يقول «يا عم حمزة، رجعوا التلامذة للجد تانى».
جاء بعد ذلك المطرب محمد فؤاد ليغنى فى سياق جديد لعم حمزة رجل التعليم، ضمن أحداث فيلم رحلة حب، فى أغنية تقول كلماتها: «أ ب ت ث ج ح، على دو رى مى، نفهم صح هايكون إيه".
الغريب أنه فى يونيو عام 1955 نشرت مجلة الكواكب حوارا مع الأديب الكبير عباس محمود العقاد، تحت عنوان "العقاد يسأل: من هو عم حمزة الذى أحبه التلامذة؟"، تحدث خلاله عن الأغانى، مشيرا إلى أن معظم الأغانى الشعبية التى يحبها نشأت فى الصعيد.
وقال العقاد، خلال الحوار، إن هذه الأغانى الشعبية الأصيلة لا تقارن بالأغانى المبتذلة التى تنسب للشعب زورا، ومنها أغنية "يا عم حمزة إحنا التلامذة"، قائلا: "هذا سجع مبتذل لا يعبر عن عاطفة شعبية أصيلة، فمن هو عم حمزة، وما علاقته بالتلامذة، وما شأنه حتى تقال فيه الأغانى؟".