عندما تنظر إلى وجهه الباسم الطيب وضحكته البريئة، وتستمتع بأعماله الكوميدية الخالدة لا تصدق أنه عانى من كل أنواع الأحزان، التى ظل يصارعها طوال حياته، ورغم ذلك ظل يرسم البسمة على وجوه الملايين.
عاش الفنان الكوميدى الكبير عبد المنعم إبراهيم كقطعة سكر تذوب حزنا، بينما تمنح حلاوتها للناس، فأمتعنا فى كل ما قدمه من أعمال كوميدية.
وفى حوار مع ابنته سمية عبد المنعم إبراهيم، كشفت تفاصيل محطات الوجع والحزن فى حياة والدها الكوميديان الحزين.
أشارت الابنة إلى أن الفنان عبد المنعم إبراهيم ولد فى 24 أكتوبر عام 1924، والتحق بمدرسة الصنايع، وبدت مواهبه الفنية منذ صغره وبعد تخرجه عمل فى وزارة المالية، ثم التحق بالدفعة الثانية فى المعهد العالى الفنون المسرحية بعد افتتاحه عام 1944، واجتاز كل الاختبارات حتى وصل إلى الاختبار النهائى، وكانت أولى محطات الحزن فى حياته عندما توفيت والدته قبل الامتحان الأخير، ورغم ذلك ذهب واجتاز الامتحان بتفوق، واستقال من وزارة المالية وتفرغ للفن.
وتابعت سمية عبد المنعم إبراهيم: "حياة والدى سلسلة من المآسى والأزمات، فمع بدايته الفنية وأثناء قيامه بالمشاركة فى مسرحية "عيلة الدوغرى" توفى والده، وفى نفس اليوم الذى دفنه فيه تحامل أبى على أحزانه ووقف على المسرح وأدى دوره، وتحمل بعدها مسئولية إخوته الستة، وفعل نفس الشىء عندما توفى شقيقه أثناء عرض مسرحية «سكة السلامة»، فدفنه ووقف على المسرح فى نفس اليوم، حيث اعتاد والدى على إضحاك الناس، بينما قلبه ينزف حزنا".
وتشير سمية إلى أكبر مأساة فى حياة الكوميديان الحزين، وذلك عندما مرضت زوجته، وعرف من الأطباء أنها مصابة بمرض خطير، وتتبقى لها أيام قليلة وتفارق الحياة، تاركة أبناءه الأربعة "ثلاث بنات وولد لم يتجاوز عمره وقت وفاة والدته عاما واحد، بينما كانت أكبر الشقيقات لا يتجاوز عمرها 8 سنوات"، وفى نفس الوقت كان عليه أن يرسم البسمة على الوجوه، وهو يقدم أدواره الكوميدية، وتوفيت زوجته التى كان يحبها بشدة عام 1961، وظل يبكى كلما تذكرها حتى وفاته.
لم تقف أزمات عبد المنعم إبراهيم عند هذا الحد، بل تولى رعاية أبناء شقيقته الستة بعد وفاة والدهم، وتحمل أيضًا مسئولية رعاية حفيدة زوجة أبيه اليتيمة بعد وفاة والديها، فكان يحمل مسئولية عائلة كبيرة ويرعاها.
وأشارت سمية عبد المنعم إبراهيم إلى أن والدها كان يمتلك قدرات فنية كبيرة لم يتم استغلالها، وشارك فى أعمال تراجيدية فى شبابه، وليس بعدما كبر فقط، فقدم أعمالًا متنوعة فى المسرح، منها: "حلاق بغداد"، و"عيلة الدوغرى"، و"على جناح التبريزى"، و"سكة السلامة"، وبعدما كبر قدم عددًا من الروائع للتليفزيون، منها مسلسلا "أولاد آدم"، و"زينب والعرش".
وعن أواخر أيام حياة والدها، قالت سمية عبد المنعم إبراهيم: "كان أبى يشعر بدنو الأجل، رغم أنه لم يمرض مرضًا شديدًا، وحزن جدًّا لوفاة أصدقائه، خاصة الفنان محمد رضا، وأوصانا بأن تخرج جنازته من المسرح القومى؛ لأنه كان يعشق المسرح، ويعتبره بيته، وأن ندفنه فى قريته، ميت بدر حلاوة، التى أقام فيها مقبرة حتى نظل مرتبطين بمسقط رأسه طوال حياتنا".
وتؤكد أن والدها ظل يعمل حتى آخر أيام حياته، وعندما أصيب بمياه على الرئة ودخل الرعاية المركزة، صمم على الخروج رغم رفض الأطباء، وانفعل لأنه كان مرتبطًا بمواعيد تصوير، مشيرة إلى أنه أثناء قيامه ببطولة مسلسل "أولاد آدم" كان يرافقه طبيب خلال التصوير.
وأشارت ابنة الكوميديان الحزين أنه أثناء عرض مسرحية "5 نجوم" على مسرح السلام، قال لشقيقتها سهير التى كانت تقيم معه: "أنا سددت فلوس الجزار والبقال وليس علينا أى أموال"، وارتدى ملابسه بسرعة، وبمجرد نزوله أخبرهم عامل الجراج بأنه وقع وطلب كوب ماء.
وأضافت: "اصطحبناه بسرعة للطبيب الذى أوصانا بنقله فورًا للمستشفى، لكنه توفى فى 17 نوفمبر ونفذنا وصيته، فخرجت جنازته من المسرح القومى ودفن بقريته فى 19 نوفمبر 1987 إلى جوار والده ووالدته وشقيقه".