على الرغم الوضع الصعب الذى يعيش فيه صناع السينما حول العالم؛ بسبب فيروس كورونا، وما تسبب فيه من دمار لصناعة كاملة وخسائر تقدر بمليارات الدولارات، إلا أن الوسط السينمائى انشغل مؤخرا بقضية من نوع خاص، فمع مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية والمظاهرات وأحداث الشغب الواسعة التى طالت العديد من الولايات الأمريكية وغيرها من الدول التى تضامنت معها، علت مطالب أصحاب البشرة السمراء ونالت جميع الجوانب فى الحياة الأمريكية، ويبدو أن السينما هى الأخرى جزء لا يتجزأ من تلك المطالب، فمع ازدياد وعلو صوت أصحاب البشرة السمراء استجابت شبكة "HBO Max" لمطالبهم، بحذف واحدة من كلاسيكيات السينما العالمية وهو فيلم Gone With The Wind وذلك بسبب ما يضمه الفيلم من مشاهد يراها أصحاب البشرة السمراء عنصرية ضدهم، وأنها تنال منهم ومن كرامتهم، وهو ما جعل الشبكة تقوم بحذف الفيلم لإحتواء الأزمة إلا أن الشبكة عادت وأصدرت بيان على أنها ستعيد الفيلم إلى المنصة من جديد وذلك بعد وضع تنويه يوضح أن الفيلم يضم مشاهد عنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء، وأن المنصة لا تدعم العنصرية وأنها فقط فى إطار أحداث الفيلم، وأن العمل سيُعرض فى سياق تاريخى.
أيام قليلة من حذف منصة "HBO Max" كانت كفيلة بأن يحتل الفيلم قائمة الأعلى مبيعا على موقع أمازون، فحذْفه جعل عليه إقبالا كبيرا ما بين فضول من لم يشاهدونه من قبل وما بين إعادة مشاهدته، فى ضوء تلك الاتهامات التى توجه للفيلم وعارضيه على المنصات والشاشات التليفزيونية.
العمل له العديد من النقاط الإيجابية كون الفيلم وثيقة لما كان يحدث فى أوقات العبودية، إضافة إلى أنه حصل على 8 جوائز أوسكار، من بينها جائزة الممثلة، هاتى ماكدانيال التى فازت بأول جائزة أوسكار لشخص أمريكى من أصل أفريقى.
ويعتبر الفيلم الذى يحكى قصة حب سكارليت أوهارا وريت بتلر خلال الحرب الأهلية الأمريكية، واحد من أكثر الأفلام شعبية على الإطلاق، وهو من إنتاج عام 1939، وتدور قصته حول الحرب الأهلية الأمريكية، وهو من بطولة كلارك جيبل وفيفيان لى عن رواية مارغريت ميتشل الشهيرة التى تحمل الاسم نفسه وفى وقت سابق، اختار معهد الفيلم الأمريكى ليكون الرابع فى قائمة الأفلام الأمريكية المائة الأفضل فى القرن العشرين، وحتى عام 2006 أصبح ثانى أعلى الأفلام فى تاريخ السينما الأمريكية من ناحية الإيرادات، وتشير أحداث الفيلم إلى انعكاسات الحرب الأهلية الأمريكية على المزارعين الجنوبيين.
موقع فارايتى قدم قائمة صادمة ومثيرة للدهشة والجدل حيث تضم العديد من الأفلام السينمائية ما بين الكلاسيكيات والحديثة، ووضعها تحت بند أنها تحتاج هى الأخرى إلى تنويه أو شرح قبل عرض الفيلم، سواء على المنصات أو الشاشات وضمت القائمة العديد من الأفلام التى أثارت الاستهجان، حيث ضمت القائمة فيلم Dirty Harry والذى تم إنتاجه فى ١٩٧١ وهو فيلم إثارة وتشويق بطولة الممثل الشهير كلينت إيستود، وتدور قصة الفيلم عن ضابط شرطة هارى كالهان الذى يلاحق قاتلا مهووسا بقتل الناس، ليتم القبض عليه من طرف هارى، بعد مناورات ومحاولات عدة من شرطة فرانسيسكو، ويرى التقرير أن الفيلم يستهزئ بالقضاة، ويدعم خرق القانون، وتضم القائمة فيلم Forrest Gump ورغم أن الفيلم بطولة توم هانكس، الذى يظهر كطفل محدود القدرات، ويتحول إلى بطل، إلا أنه فى تقرير فارايتى يواجه الاتهام بالتمييز ضد الأقليات، والعمل مأخوذ عن رواية حملت نفس الاسم للكاتب ونستون جرووم، وهو من إخراج روبرت زيميكس.
فيلم المخرج ستيفين سبيلبرج Indiana Jones and the Temple of Doom إنتاج الثمانينات هو الآخر ضمن القائمة، متهمين إياه بأنه فيلم سلبى ونمطى عن الهند والعادات الهندوسية، ويظهرهم متعطشين للدماء، بينما ضمت القائمة الفيلم البريطانى "Me Before You" والذى تدور أحداثه حول شابة تعمل فى أحد المتاجر، تعيش حياتها التى تعرفها من عدد خطواتها إلى محطة الأتوبيس وصولًا إلى صعوبة قبولها حب صديقها (باتريك)، ولكنها لم تكن تتوقع طردها من العمل، وعلى الجانب الآخر تقع حادثة دراجة نارية للشاب (ويل تراينور) تمنعه عن القيام بكل ما اعتاد عليه فى السابق، يقترب عالماهما معًا لتزيد حياة كل واحد منهما بهجة وسعادة على غير المنتظر بقربه من الآخر، وهو من إخراج ثيا شاروك، وتأليف جوجو موياس، وبطولة تشارلز دانس، جانيت ماكتير، سام كلافلن، إميليا كلارك، فانيسا كيربى، ليلى ترافيرس.
الفيلم تصفه القائمة بالأقل شهرة، ويتهم الموقع الفيلم بأنه يقدم صورة غير حساسة لرجل تسبب حادث فى إعاقته بقية حياته، ويفضل الانتحار أو إنهاء حياته عن أن يعيش معاقا، وهو ما يضر بالمعاقين، ومن هم فى نفس حالته بالحقيقة.
فيلم Once Upon a Time in Hollywood والمنتج حديثا وضع ضمن القائمة، بحجة عدم وجود أبطال من أصحاب البشرة السمراء، وأن المكسيكيين بالفيلم إما خدم أو جرسونات، وأن العمل ضد الأقليات.
تدور أحداث الفيلم فى عام 1969 فى مدينة لوس أنجلوس، حول شخصيتين رئيسيتين، هما "ريك دالتون" ممثل تليفزيونى سابق لمسلسل ينتمى لنوعية "الويسترن" أو الغرب الأمريكى، ويجسده ليوناردو ديكابريو، و"كليف بوث"، الممثل البديل له الذى يؤدى المشاهد الخطرة بدلا منه، ويجسده براد بيت، ويكافح الاثنان من أجل تحقيق الشهرة فى هوليوود، ويشارك فى بطولة الفيلم كل من آل باتشينو، ومارجو روبى، لورينزا ايزو، وداكوتا فانينج، وكيرت روسيل، والفيلم من إخراج وتأليف كوينتين تارانتينو.
تضع القائمة فيلم The Children’s Hour من ضمن الأفلام المتهمة وهو فيلم درامى أمريكى قدم عام 1961 من إخراج ويليام ويلر وومأخوذ عن مسرحية قدمت عام 1934 التى تحمل نفس العنوان لليليان هيلمان والاتهام الموجه للفيلم، والذى ترى قائمة فارايتى بأنه يجب وضع تنويه قبل عرض الفيلم، مع شرح لما يضمه الفيلم من أحداث هو أن العمل يظهر المثليين أنهم كارهون لأنفسهم ومنحرفون، خاصة بعدما قتلت بطلة الفيلم نفسها؛ لأن لديها مشاعر مثلية.
The Searchers من أفلام الخمسينات تم إنتاجه فى سنة 1956، والفيلم من إخراج جون فورد وبطولة الممثل جون وين، وشارك فى بطولة الفيلم الممثل جيفرى هنتر، وهو مقتبس عن رواية بنفس العنوان عام 1989، واختارت مكتبة الكونغرس إدراج الفيلم فى السجل الوطنى للفيلم، وتوجه فارايتى له الاتهام بأنه يُظهِر الأمريكيين الأصليين بشكل وحشى.
فيلم True Lies هو آخر الأفلام فى القائمة وهو للمخرج جيمس كاميرون وقدم عام 1994، من بطولة أرنولد شوارزنيجر، جيمى لى كورتيس، توم أرنولد، بيل باكستون، تيا كاريرى، أرت مالك، وكتب له السيناريو كلود زيدى، سيمون مايكل.
وتدور أحداث الفيلم حول المحقق السرى الذى يقاوم الإرهاب، وتتحول حياته رأسا على عقب عندما يشك أن زوجته على علاقة مع بائع سيارات مستعملة فى نفس الوقت الذى يتحتم عليه متابعة الإرهابيين، الذين يقومون بتهريب رؤوس الحرب النووية إلى أمريكا، ويرى موقع فارايتى أن الفيلم كان عنصريا تجاه العرب، ويظهرهم إما إرهابيين أو متعصبين دينيا أو الاثنين معا.
القائمة التى قدمها موقع فارايتى أثارت الكثير من الجدل، حيث علق عليها تيد كروز عضو فى مجلس الشيوخ فى الولايات المتحدة، منتقدا القائمة بالغباء والحمق، فيما علق الكاتب فرانك فيلمنج بأن تلك القائمة نوع من التصيد وغيرها من ردود الأفعال.
الغريب فى الأمر أن أغلب تلك الأفلام التى تحدثت عنها قائمة فارايتى المثيرة للجدل تضم العديد من الأفلام الحاصلة على أهم الجوائز العالمية، وعلى سبيل المثال فإن فيلم Indiana Jones and the Temple of Doom فاز بالعديد من الجوائز منها أوسكار أفضل مؤثرات بصرية ونفس الجائزة من البافتا، وفيلم Forrest Gump رُشح لـ74 جائزة وفاز بـ50 جائزة منها 6 جوائز أوسكار، منها أوسكار أفضل فيلم وأفضل ممثل توم هانكس، وأفضل مخرج وأفضل مونتاج وثلاث جوائز جولدن جلوب وجائزة بافتا وغيرها من الجوائز.
بينما فيلم Once Upon a Time in Hollywood فرشح لـ344 جائزة وفاز بـ126 جائزة، أبرزها جائزتا أوسكار وثلاث جوائز جولدن جلوب وجائزة بافتا.