تتشابه شخصيته وحياته مع الشخصيات التى قدمها على الشاشة، يتسم بنفس الروح التى تمزج بين الطيبة ومحاولة إظهار الأرستقراطية والاستعلاء، حتى وإن لم يكن يملك الكثير من المال والأملاك، ولديه خفة ظل جعلته من أشهر فنانى الكوميديا، الذين ساعدوا على نجاح العديد من أفلام ونجوم الزمن الجميل.
إنه الفنان الكبير عبد السلام النابلسى، الذى تحل ذكرى وفاته اليوم، حيث رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 5 يوليو من عام 1968، الذى أمتعنا بكل ما قدمه من إبداع شارك فيه عمالقة الفن، فهو حسب الله السادس عشر فى فيلم "شارع الحب"، وزيزو فى "حلاق السيدات"، والأستاذ رشيق فى "الحموات الفاتنات"، وعدنان فى "إزاى أنساك"، والصول بكير فى "البوليس السرى"، وعزيز معزوز فى فيلم "السبع بنات"، وغيرها عشرات الأفلام، التى ظهر فيها عبد السلام النابلسى بشخصيات تشبه شخصيته الحقيقية.
فالفنان الذى يبدو كطاووس طيب، حتى أنه أُطلقت عليه ألقاب مثل" الكونت دى نابولز، والدوق، وغيرهما، ظهر فى معظم الشخصيات التى جسدها محاولاً أن يبدو غنيًّا حتى وإن كان لا يملك مليمًا فى جيبه، وكان كذلك فى حياته، معتزا بكرامته، لا يرغب فى أن يطلب مساعدة فى أصعب لحظاته، حتى من أقرب أصدقائه، وهكذا كان فى أواخر أيامه التى طالبته فيها الضرائب بمبالغ تفوق ما يملك.
وكما ظهر فى أحد أشهر مشاهده بفيلم "يوم من عمرى" مصورا صحفيا فى إحدى المجلات، بدأ عبد السلام النابلسى حياته صحفيًّا فى أكثر من مجلة.
وكما ظهر فى معظم أدواره عازفا عن الزواج، كان كذلك فى حياته، حيث اشتهر النابلسى بأنه أشهر عازب فى الوسط الفنى، وظل عازفا عن الزواج حتى سن الستين.
وُلد عبد السلام عبد الغنى النابلسى فى شمال طرابلس اللبنانية فى 23 أغسطس عام 1899، إلا أن جذوره تعود إلى مدينة نابلس الفلسطينية، وكان جده قاضى نابلس الأول ومن بعده والده، وأرسله والده إلى مصر للدراسة فى الأزهر، حيث حفظ القرآن، وأتقن اللغة العربية إلى جانب اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وبدأ النابلسى حياته العملية كصحفى، وعمل فى أكثر من مجلة، حتى أتيحت له الفرصة للعمل بالفن فشارك فى فيلم غادة الصحراء، ثم فيلم وخز الضمير عام 1931، كما عمل مساعد مخرج، خاصة مع الفنان يوسف وهبى، ولكنه تفرغ منذ عام 1947 للتمثيل، بعد نجاحه الباهر فى أداء الشخصيات الكوميدية، وكان شريكا فى نجاح عمالقة الفن، حيث كان يظهر دائما فى دور صديق البطل فى العديد من أفلام فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وإسماعيل ياسين.
وكما زادت شهرته تفاقمت أيضًا الضرائب عليه، وهو ما جعله يقرر العودة مرة أخرى إلى لبنان، وهناك صار مديرًا للشركة المتحدة للأفلام وأنتج عدة أفلام.
تعرّف النابلسى بعد أن اقترب من الستين على فتاة أحبها وتزوجها رغم فارق السن، وعاش معها حياة سعيدة.
وفى حوار تليفزيونى أكدت جورجيت، أرملة النابلسى، أن زوجها عانى من أزمة مع مصلحة الضرائب المصرية فى أيامه الأخيرة، ولم يكن باستطاعته العودة إلى مصر، وأوشك على الإفلاس، وهى الأزمة التى أخفاها على صديقه عبد الحليم حافظ ولم يخبره بها، وظل خلال هذه الفترة فى لبنان.
وعن وفاته أوضحت زوجته أنه كان يصور فيلما فى تونس، بصحبة فريد شوقى وصباح، وشعر بإرهاق شديد، وبعد عودته بـ15 يوما حدثت الوفاة، وتكفّل صديقه فريد الأطرش، بتحمّل تكاليف الجنازة.