فى مثل هذا اليوم الموافق 13 يوليو من عام 1906 ولدت الفنانة الكبيرة فردوس محمد، بحى المغربلين بالقاهرة، لتكون أشهر أُم فى السينما المصرية، وأحد رواد فن التمثيل العظماء.
وعانت الفنانة الكبيرة التى اشتهرت بالحنان والعطف على كل من حولها فى حياتها معاناة كبيرة بدأت منذ سن الطفولة وحتى الوفاة، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها كانت ينبوعا من الحنان لزملائها وأبنائها من أهل الفن الذين اعتبروها أمًّا حقيقة وخازنة أسرارهم.
بدأت معاناة فردوس محمد من سن 3 سنوات، حيث توفى والداها، وعانت من اليتم فى هذه السن المبكرة، فتولى تربيتها الشيخ على يوسف، مؤسس جريدة «المؤيد»، وألحقها بمدرسة إنجليزية بحى الحلمية، فتعلمت القراءة والكتابة والتدبير المنزلى وتربية الأطفال.
عشقت فردوس محمد الفن والتقليد فى سن صغيرة، ولكنها قبل أن تكمل فردوس محمد سن 14 عاما زوجتها الأسرة التى تقيم معها من شاب تقدم لها، وعاشت معه 5 سنوات، لم تنجب خلالها، وأساء زوجها معاملتها، حتى طلقها وهى فى سن 19 عاما، ومن شدة ما عانته فردوس محمد خلال هذه الفترة، ظلت طوال حياتها إذا واجهت موقفا فيه قسوة تقول: "شبه الأيام السودا اللى شفتها مع جوزى الأولانى".
وبعد طلاقها بحثت عن عمل لتنفق منه على نفسها، وعرضت عليها زوجة جارها الذى يعمل فى فرقة عكاشة المسرحية أن تعمل بالفرقة، فرحبت بهذا العرض الذى يوافق موهبتها وحبها للفن، وبدأت العمل فى الفرقة بمرتب 3 جنيهات، وتألقت فى أدوارها وحققت نجاحا كبيرا على المسرح.
وفى السينما اختارها المخرج محمد كريم لتقوم بدور الأم فى فيلم "يوم سعيد"، بطولة محمد عبد الوهاب، عام 1940، وكانت أمًّا لفاتن حمامة الطفلة وقتها، ومن يومها كانت دائما الاختيار الأول لكل مخرج يبحث عن فنانة تجيد دور الأم، وتسابق المنتجون والمخرجون للاستعانة بها فى هذا الدور، فشاركت فى مئات الأعمال الفنية.
تزوجت فردوس محمد للمرة الثانية من الفنان محمد إدريس، وعاشت معه 15 عاما حتى وفاته، ولكنها أيضا لم تنجب، وتبنت طفلة، وتولت رعايتها وأطلقت عليها اسم نانى.
عوضت مشاعر الأمومة التى فقدتها مع كل الفنانين والفنانات، الذين اعتبروها أمًّا حقيقية يبوحون لها بأسرارهم، وتحظى بينهم بمكانة كبيرة، وحظيت بمكانة كبيرة لدى الفنانة فاتن حمامة التى جمعتها بها صلة قوية منذ طفولتها، وكانت تبوح لها بكل أسرارها، كما كانت فردوس محمد ترتبط بعلاقة صداقة قوية بكوكب الشرق أم كلثوم، وتعتبرها أقرب صديقاتها، كما كانت تجود بمعظم ما تحصل عليه من أجر على المحتاجين من العمال وصغار الفنانين.
وبلغت مكانة فردوس محمد بين أهل الفن أن نقابة الممثلين كرمتها فى أول احتفال بعيد الأم، وتسلمت التكريم وهى لا تتمالك دموعها وسط تصفيق جميع الفنانين.
أصيبت فردوس محمد بمرض السرطان، وأحاطها كل أبنائها وزملائها فى الوسط الفنى بمشاعر الحب، وعندما اشتد عليها المرض وشعرت بقرب نهايتها بكت، وأوصت من حولها بابنتها بالتبنى، وكانت آخر كلماتها: "خلوا بالكم من نانى وراعوها"، وهكذا توفيت أشهر أُمّ فى الفن بعد أن ملأت الدنيا بمشاعر الحب والحنان والأمومة، وأثبتت أن فاقد الشىء يعطيه بغزارة.