نحتفل اليوم بميلاد الصوت الدافئ العذب، الذى جسدت لنا نبراته كل معانى الحب والرومانسية، وأهدانا أجنحة نحلق معها فى سماء الجمال والإبداع، فيمنحنا هدنة، وينقلنا إلى الجنة بعيدا عن الصخب والضوضاء، فاليوم نحتفل بعيد ميلاد نجاة الصغيرة، التى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 11 أغسطس من عام 1938، ليهدينا الزمان أجمل هدية، ويمتعنا بأجمل وأعذب صوت، وينقلنا إلى الجنة ونحن نسمعها تشدو بالروائع "عيون القلب، أيظن، لا تكذبى، أنا بعشق البحر، أنا باستناك"، وغيرها عشرات الأغانى التى مثلت حالة خاصة فى عالم الغناء والطرب.
عاشت نجاة الصغيرة حياة مختلفة عن باقى الأطفال، فنسجت من أحاسيسها فى هذه المرحلة المبكرة من عمرها عالما خاصا بها، وعبرت عن عزلتها وصمتها وهدوئها الدائم بصوتها وغنائها الذى قال كل ما حرصت نجاة على عدم البوح به.
تعيش نجاة الصغيرة الآن بعيدا عن الأضواء، وتحرص على أن تحافظ على صورتها وهيئتها القديمة الجميلة الرومانسية أمام جمهورها، حتى أنها لم تظهر أو تتحدث، واختفت سريعا حين التُقطت لها بعض الصور أسفل عمارة الشربتلى، التى كانت تسكنها بعد تصدعها، وحتى قبل عزلتها واعتزالها عُرفت نجاة الصغيرة بخجلها وصمتها الدائم وقلة أحاديثها.
ولكن فى فترة مبكرة من عمرها الفنى كتبت نجاة الصغيرة بعض المقالات لمجلة الكواكب، تحدثت فيها عن طفولتها المبكرة وبداياتها، وفى أحد الأعداد النادرة لمجلة الكواكب والتى صدرت عام 1958 كتبت نجاة ابنة محمد حسنى البابا الخطاط المشهور: "كنت طفلة عادية فى أسرة عديدة الأطفال، لا يميزنى عن أشقائى الأربعة ولا شقيقاتى الثلاث شىء، اللهم إلا اعتقاد أبى بأننى فأل حسن، إذ تصادف يوم مولدى أن تلقى أبى رسالة مهمة تتعلق بمشروع ضخم كان يعلق عليه الكثير من الآمال".
وتابعت: "كان أبى وأشقائى الكبار يؤكدون أننى كنت طفلة هادئة هدوءا غير عادى، صامتة لا آتى ما يأتيه الأطفال عادة فى سنواتهم الأولى من صراخ وضجيج، ولم أكن قد تجاوزت الثالثة عندما انفصل أبى عن أمى بالطلاق فى هدوء وبلا ضجة، انفصلا وهما على تفاهم تام، وعشت مع أبى وإخوتى كنا ثمانية أربعة أولاد و4 بنات، وكنت الثالثة بين البنات والسادسة بين أطفال الأسرة الثمانية".
لم تلتحق نجاة الصغيرة مثل باقى شقيقاتها ومنهن شقيقتها الأصغر السندريلا سعاد حسنى بالمدرسة، وقالت عن ذلك: "لم يكن أبى يسمح لنا نحن البنات بالذهاب إلى المدارس، بل استقدم لنا معلمة وهى الست سكينة، التى كانت تأتى إلى بيتنا كل يوم؛ لتتولى تعليم شقيقتى اللتين تكبرانى القراءة والكتابة، وعندما بلغت الرابعة من عمرى كان على أن أنضم إلى فصل الست سكينة لأتلقى مبادئ القراءة والكتابة وبعض الحساب والقصص الدينية، وأبى على ما يبدو كان يريد إعدادنا لنصبح زوجات صالحات فى بيوت أولاد الحلال عندما يدفع بهم الحظ إلى أبوابنا".
ورغم هدوئها وصمتها الدائم إلا أن نجاة كانت طفلة ذكية مميزة وقالت عن ذلك: "فى الخامسة أصبحت مثار فخر كبير للست سكينة، وكانت تتباهى بشطارتى وذكائى، وكانت دائما تكافئنى بقطع الشيكولاتة".
وبدأت نجاة الصغيرة مشوارها الفنى فى سن الخامسة، حيث كانت تحفظ أغانى أم كلثوم وتقلدها، وكانت تقوم بإحياء الحفلات، حتى بدأت تغنى أغانيها الخاصة، وتصبح لونا خاصا فى الغناء لا يشبه أحدا.