يؤكد أغلب المؤلفين على أن الكتابة الكوميدية هى الأصعب على الإطلاق.. فهى تحتاج لقدرات خاصة لدى المؤلف فى خلق المواقف المضحكة ووضع الإفيهات على لسان الأبطال بحرفية ودون "أفورة" أو استظراف.. ولذلك فبطولة الأعمال الكوميدية هى الأصعب على الإطلاق ولابد أن يكون البطل أو البطلة له قدرات استثنائية.. ليست خفة الظل الطبيعية فقط ولكن الحس الفكاهى والوقوف على الأفية للوصول إلى الجزء من الثانية الذى ينتزع فيها الكوميديان الضحكة من قلب المشاهد قبل فمه.. وإن كانت بطولة الأعمال الكوميدية فى السينما أو التلفزيون صعبة ولها فنانيها القلائل فأن بطولة الأعمال المسرحية الكوميدية هى الأصعب على الإطلاق.. فالخشبة المسرح رهبة ما بعدها رهبة ولكى تنزع الضحكات من جمهور متعدد الأعمال والفئات والأمزجة.. جمهور يجلس أمامك يعد عليك أنفاسك لهو تحدى من نوع خاص يخوضه الكوميديان يوميا.
وهناك قليلون ممن أُطلق عليهم لقب الأستاذ.. الأول والعبقرى بحق كان نجيب الريحانى صاحب المدرسة الكوميدية الفريدة التى مازال ينهل منها الكثيرون حتى الآن.. وكان ومازال هناك سؤال واحد وهام يطرح فى بداية تربع الأستاذ على عرش الكوميديا وهو.. من سيقف أمام الأستاذ؟
أى من ستقوم بدور البطولة النسائية أمامه وستكون رأسها برأسه أحيانا.. من ستكون نجمة قصص الحب والضحك معا.. وأمام نجيب الريحانى وقفت كل من بديعة مصابنى ومارى منيب ونجوى سالم فقد كن يمتلكن موهبة فذة فى التمثيل الكوميدى.. وإن ظلت أعماله مع نجوى سالم هى الأنجح وقيل أنه قد طلب الزواج منها لكنها رفضت لاختلاف الأديان.
والثانى كان فؤاد المهندس الذى ذهب له لقب الأستاذ دون طلب منه.. فرغم تأثره بالريحانى إلا أنه كان صاحب كاريزما خاصة وقدرة هائلة على صناعة الضحك.. وطرح على الفور نفس السؤال.. من سيقف أمام الأستاذ؟.. بعدما أصبح بطلا لمسرحية السكرتير الفنى ويتطلب النص بطلة ذات مواصفات خاصة.. وجرى البحث على الفور.. ورشح عبد المنعم مدبولى شويكار للبطولة.. ورغم أنها كانت قد حققت نجاحات ملحوظة فى السينما إلا أن فؤاد المهندس عارض ذلك خوفا من عدم قدرتها على الأداء الكوميدى الذى يتماشى مع أدائه.. ويتم الأمر فى النهاية ويفاجأ فؤاد المهندس وفريق عمل المسرحية بقدرات شويكار غير المحدودة فى الكوميديا.. بل سرعان ما أصبح لها طابعها الخاص الذى يمزج بين الجمال والدلع والكوميديا وكان من الطبيعى أن تقف أمام الأستاذ فى عدة أعمال مسرحية أصبحت من روائع المسرح الكوميدى.. أهمها "أنا وهو وهى" و"سيدتى الجميلة".. ووبعد مشوار طويل من الإبداع والتميز وصل عمر بسكوتة المسرح ودلوعته إلى محطته الأخيرة.. لكنها ستظل تمتعنا بفنها الجميل وبخفة ظلها المصرية لسنوات طويلة قادمة.