أمتعونا بموسيقاهم وألحانهم على مر العصور واستمتعت أجيال عديدة بالغناء والطرب الذى صنعه عباقرة الموسيقى والتلحين، ولكن ربما لا يعرف من يستمع إلى روائعهم الموسيقية كيف صنعوها، وما هى عاداتهم التى كانوا لا يستطيعون التلحين والإبداع إلا إذا اتبعوها، والتى ربما كان بعضها غريبا لا يتخيله من يستمتع بهذه الروائع.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر فى أغسطس عام 1951 نشرت المجلة موضوعا تحت عنوان: "عندما يهبط عليهم الوحى"، كشف فيه أسرار عباقرة التلحين وعاداتهم الغريبة التى يتبعونها أثناء وضع ألحانهم، مؤكدين أنه لا ينزل عليهم الوحى إلا إذا اتبعوها.
وأشارت الكواكب إلى أن كل ملحن من الملحنين المعروفين له طريقته الخاصة فى استلهام شيطان الفن، وأن بعض هذه الطرق يبعث على الضحك والدهشة والاستغراب، ويدل على غرابة الأطوار.
وتحدثت المجلة عن عادات الموسيقار فريد الأطرش عند وضع ألحانه، مؤكدة أنه لا يلحن أبدا بالنهار، وكان يقضى النهار كله يغط فى نوم عميق، وعند غروب الشمس يغادر منزله بصحبة العود إلى مكان بعيد فى ضواحى القاهرة، ويقضى الليل كله وهو يدندن على العود، وعند طلوع الفجر يعود إلى منزله ليسجل الخطوط الأولى للحن، ثم يأخذ حماما ساخنا ويأكل بعض الفواكه، ثم يشرب فنجانا من القهوة، وبعدها يستأنف العزف على العود ويكمل اللحن قبل شروق الشمس.
أما محمود الشريف فإنه كان يستطيع التلحين فى أى مكان يجد فيه فنجان قهوة مظبوط، يقول إن القهوة تنبه حواسه، وتخلق فى نفسه الرغبة فى التلحين، فيسرع إلى عوده ويحتضنه ليضع اللحن المطلوب.