تمر اليوم ذكرى وفاة أحد عمالقة رواد وأساتذة الفن الفنان الكبير حسن الباردوى الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 17 سبتمبر من عام 1974.
حسن الباردوى عملاق التمثيل وصاحب الصوت المميز والأدوار التى لا تنسى، والى جعل ككل الأجيال تحفظ عباراته الشهيرة، فلا أحد ينسى كلمات عم مدبولى الطيب فى فيلم باب الحديد: «قناوى يابنى.. البس بدلة الفرح.. هاجوزك هنومة»، وكلماته التى تجسد النفاق السياسى الذى يرتدى عباءة الدين فى كل العصور وهو يتحدث إلى الفلاح الفقير أبوالعلا فى فيلم الزوجة الثانية: «العمدة عاوز يناسبك يا أبوالعلا.. انطاع يا ابنى إحنا غلابة.. طلق فاطمة واتجوز غيرها البلد مليانة بنات حلوة.. ده ربنا بيقول وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم».. ومئات الأدوار المسرحية والسينمائية والإذاعية، التى أجاد فيها بادوار الخير والشر، إضافة إلى اختياره للمشاركة فى عدد من الأفلام العالمية بعد إعجاب المخرجين الأجانب بصوته وطريقة أدائه المميزة وقوته فى التمثيل وإتقانه للغة الإنجليزية.
ولد حسن البارودى بحى الحلمية بالقاهرة فى 19 نوفمبر عام 1898، واسمه بالكامل حسن محمود حسانين البارودى، وترتيبه الثانى بين إخوته وله أخ أكبر وشقيقتان أصغر منه، وكان والده يعمل مترجما بشركة توماس كوك، وأتقن البارودى اللغة الإنجليزية إتقانا شديدا، حيث تعلم فى مدرسة الأمريكان، وبدأت مواهبه الفنية منذ الطفولة.
وفى تصريحات خاصة حكى الدكتور أشرف حسن البارودى ابن الفنان الكبير حسن البارودى لـ"عين" عن أحد المواقف التى جمعت والده بالزعيم سعد زغلول، قائلا :"عندما وصل أبى إلى سن 15 عاما اختاره مدرس اللغة العربية ليلقى كلمة أمام سعد زغلول الذى جاء فى زيارة للمدرسة، وبعدما انتهى من إلقاء الخطبة ناداه سعد باشا وسلم عليه، وقال له صوتك حسن مثل اسمك ومؤثر وقوى ومقنع، ولو عملت محاميا ستكون محاميا بارعا وتكسب القضايا اللى بتترافع فيها وممكن تاخذ البراءة من أول مرة، ورغم سعادة والدى بهذه الكلمات إلا أنه ظل حلم التمثيل يراوده ولم يفكر فى غيره".
ولا يعرف الكثيرون أن الفنان الكبير حسن البارودى كان يجيد اللغة الإنجليزية مثل إتقانه للغة العربية وشارك فى أفلام عالمية.
وعن ذلك قال ابنه الدكتور أشرف حسن الباردوى: "فى نهاية الخمسينات جاء الممثل شارلتون هيستون ومعه المنتج يبحثون عن ممثل عربى بمواصفات محددة، للمشاركة فى فيلم الخرطوم، وشاهدوا عددا من الأفلام العربية حتى وقع اختيارهم على أبى وحددوا معه موعدا، وكان معهم مترجم ولكن فوجئوا بأن والدى يتقن اللغة الإنجليزية بطلاقة وبلهجة كلهجة الإنجليز، حتى أنهم سألوه إن كانت له جذور إنجليزية وبالفعل شارك أبى فى الفيلم، وفى فيلمين آخرين هما فيلم «ثلاث قصص مصرية»، والفيلم الألمانى «روميل يغزو القاهرة».
كما ارتبط البارودى بعلاقة صداقة بكوكب الشرق أم كلثوم التى وصفته بأنه أكثر الأصوات التى تعجبها، قائلة «حسن البارودى يغنى على المسرح بتعبيراته وقوة صوته».
وعن هذه العلاقة قال ابن الفنان الكبير: "كان أبى من المقربين لكوكب الشرق، وكانت تدعوه دائما لحضور الصالونات الأدبية التى تقيمها بمنزلها، حتى أنها كانت ترفض أن يبدأ النقاش إلا بعد حضوره، وفى إحدى المرات تأخر أبى وطلب الكاتب مصطفى أمين من أم كلثوم أن تبدأ الجلسات، ولكنها رفضت حتى يحضر".
وتابع: "كان لأم كلثوم دور كبير عندما أصيب أبى بضعف شديد بالنظر وكان مهددا بـ«العمى»، فحاول السفر إلى الخارج للعلاج، ولكن اعتذر له المسؤولون لعدم وجود ميزانية، فتدخلت كوكب الشرق وأجرت اتصالات على أعلى المستويات، وخلال ساعات أنهت كل الإجراءات وسافر أبى إلى لندن لإجراء العملية."
ظل الفنان الكبير حسن البارودى يعمل ويبدع حتى آخر حياته وتجاوزت أعماله السينمائية 100 فيلم من روائع السينما المصرية والعربية والعالمية، وشارك فيها عمالقة الفن ومنها باب الحديد- الزوجة الثانية- الطريق- أمير الدهاء- حسن ونعيمة- جعلونى مجرما- زقاق المدق- هجرة الرسول- درب المهابيل- الشيماء- جريمة حب- بلال مؤذن الرسول- رسالة إلى الله- لحن الوفاء- الأم القاتلة- أقوى من الحب- الطريق»، وشارك بآخر أعماله فى نفس العام الذى توفى فيه وهو فيلم العصفور ليوسف شاهين سنة 1974.