هل سألت نفسك وأنت تستمتع بكنوز وروائع عمالقة الطرب وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم عن قيمة ما تقاضوه من نظير هذه الروائع؟، وهل تعرف قيمة الأجور التى كانت تدفعها الإذاعة لأشهر وأكبر الملحنين والمطربين والمفكرين فى الخمسينات؟
وهل تعرف أن الإذاعة كانت تقسم المطربين والفنانين والمفكرين إلى درجات وفئات بحسب مكانتهم لدى لجمهور وبناء على ذلك تحدد قيمة ما تدفعه لهم من أجر، وأنها وقبل ظهور الفضائيات كانت تحدد أجراً يتقاضاه ضيوفها من المفكرين والأدباء والسياسيين الذين تستضيفهم فى برامجها؟
فى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1958 أى منذ 62 عاما نشرت المجلة موضوعاً تحت عنوان: "أنت تسمع والإذاعة تدفع..أكبر أجر تدفعه الإذاعة لأم كلثوم وعبدالوهاب يطالب بمساواته بها".
وأشارت المجلة إلى أن هناك فئة من عمالقة نجوم الطرب كانت تعقد معهم الإذاعة اتفاقيات خاصة بهم دون غيرهم وكان من أكبر هذه الفئات أجرا كوكب الشرق أم كلثوم التى كانت تتقاضى ألف جنيه عن حفلتها الشهرية تدفع منها أجور الموسيقيين، وكان لكل أغنية تسجلها أم كلثوم للإذاعة عقد خاص، وتتقاضى عن الأغنية التى تسجلها من حفلاتها العامة أربعين جنيها عن كل مرة تذاع فيها الأغنية، أما الأغنية التى تسجلها أم كلثوم للإذاعة داخل استديوهاتها فيرتفع أجرها عن كل مرة تذاع فيها إلى 55 جنيهاً، وتتجدد العقود تلقائياً إلا إذا اعترضت أم كلثوم أو الإذاعة، يليها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، ثم يأتى عد ذلك العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.
وكان هناك فئة الدرجة الثانية من أصحاب الاتفاقيات الخاصة، ومنهم عبدالعزيز محمود ومحمد الكحلاوى وفتحية أحمد وكانت تتراوح أجورهم بين 300 و225 جنيهاً عن الأغنية.
أما باقى المطربات والمطربين فكانت الإذاعة تقسمهم درجات ثلاث، تضم الدرجة الأولى نجاة وهدى سلطان وشهرزاد وأحلام وكارم محمود وفايدة كامل ومحمد عبد المطلب ونادرة، وأجر مطربى االدرجة الأولى 180 جنيها، وبعضهم يكاد يدفع من جيبه ليغطى نفقات الأغنية وتكاليف اللحن والكلمات وأجور أفراد الفرقة الموسيقية والتى تزيد عن هذا المبلغ.
أما مطربى الدرجة الثانية فمن بينهم نجاح سلام ولورد كاش وحورية حسن وإبراهيم حمودة وإسماعيل شبانة وسيد إسماعيل وشافية أحمد، وهؤلاء لا تزيد أجورهم عن 150 جنيها عن الأغنية كلاماً ولحنا وتسجيلاً.
وتأتى بعد ذلك فئة مطربى الدرجة الثالثة وتضم أكثر من مائتى مطرب ومطربة وهؤلاء من أصحاب الأصوات الجديدة التى أجازتهم الإذاعة وقتها وثبت صلاحيتهم للغناء، ويتقاضى كل واحد منهم 125 جنيهاً عن الأغنية وتخصص الإذاعة لكل منهم ربع ساعة فى العام، وبعضهم لا يتبقى له من أجر عن الأغنية بعد تكاليفها من لحن وكلمات سوى جنيهان أو جنيه واحد، وقد أعادت الإذاعة النظر فى أمر مطربى الدرجة الثالثة وشطبت منهم حوالى 45 اسما.
أما بالنسبة للملحنين فقد قسمتهم أيضا الإذاعة إلى فئات ودرجات أولها فئة ملحن ممتاز وتضم محمود الشريف وأحمد صدقى ومدحت عاصم وأجر كل منهم عن اللحن 125 جنيها، وبعد هذه الفئة تأتى فئة ملحن فئة "أ" وتضم كمال الطويل والموجى وحسين جنيد وعزت الجاهلى، كما تضم هذه الفئة عبدالعزيز محمود ومحمد الكحلاوى عندما تطلب منهم الإذاعة التلحين لمطربين أخرين وأجرهم 100 جنيه عن اللحن.
وهناك الفئة "ب" من الملحنين وأجورهم تتراوح بين 50 – 80 جنيها عن اللحن وكان من بينهم فريد غصن ومرسى الحريرى.
وقبل أن تعرف الفضائيات التى تدفع حاليا أجوراً للضيوف المتحدثين كانت الإذاعة قبل 60 عاما تحدد أجور المحدثين والمحاضرين الإذاعيين وكان أكبر أجر تدفعه لهم 25 جنيها عن الربع ساعة ومن أصحاب الأجر الأكبر طه حسين والعقاد وفكرى أباظة، أما المعقبين السياسيين والأدباء والكتاب فكان كل منهم يتقاضى عن كل حديث 10 جنيهات.
كما كانت الإذاعة تحدد أجر مؤلفى التمثيليات الإذاعية طبقا لنظام خاص، حيث كانت تدفع لمؤلف المسلسل الذى يذاع يوميا 7 جنيهات عن كل حلقة.