كان للحياة فى الأربعينات والخمسينات وقع ونظام مختلف، يسير فيها كل شىء بهدوء، واعتاد الناس فيها على عادات منتظمة ومختلفة عما نحياه الآن من حياة صاخبة سريعة.
وكانت لنجوم زمان عادات ونظام مختلف يشبه طبيعة الحياة وقتها، وكان كل نجم يلتزم بنظام معين فى حياته قليلاً ما يغيره، وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1952 نشرت المجلة موضوعا عن نظام حياة عدد من أكبر نجوم الفن وقتها، وكيف يقضون يومهم، وما هى عاداتهم التى لا يغيرونها يوميا، وذلك تحت عنوان "24 ساعة فى حياة النجوم".
وكان من أهم هؤلاء النجوم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذى كان من أحرص الفنانين على قواعد النظام وكان لا يغير نظامه اليومى تحت أى بند، فيستيقظ دائماً فى التاسعة صباحا ويتناول إفطارا دسما ينتهى منه فى العاشرة صباحا، وبعدها يتابع الصحف بدقة ثم يخرج لأعماله.
وكان محمد عبد الوهاب يعود إلى بيته فى الثانية بعد الظهر ليتناول طعام الغداء، ثم يباشر أمور التلحين، ولا ينام بعد الغداء مباشرة.
وفى الساعة السادسة مساء كان عبد الوهاب يذهب إلى مكتبه فى شارع توفيق، حيث يقابل ما لا يقل عن 30 شخصا فى اليوم، منحهم جميعا مواعيد، حيث يطلب منه كل منهم طلبا مختلفا سواء لحن أو غير ذلك، ويعتذر موسيقار الأجيال لهم جميعا فلا يلبى طلبا لأى منهم، ورغم ذلك ومن شدة ذكائه يخرج جميعهم من عنده وقد شعر بأن عبد الوهاب لبى طلبه واستجاب له.
وفى المساء يعود عبد الوهاب إلى منزله ليتناول عشاء خفيفا، ثم يجلس مع أولاده يداعبهم ويداعبونه، ويظل هكذا حتى يذهب فى النوم، فيوقظونه ليصعد إلى غرفة نومه، ويظل أبناؤه يتسامرون ويسهرون بعد نومه.