كثيرا ما نسمع أغنية واحدة بصوت أكثر من مطرب، وقد يفضل الناس أغنية معينة بصوت مطربها الأصلى أو أحيانا يفضلونها بصوت من غناها لاحقا، ولكن فى تاريخ الغناء هناك أكثر من أغنية حدث بسببها تنازع وصل أطرافه أحيانا إلى ساحات القضاء.
ومن بين هذه الأغنيات ما كتبت عنه مجلة الكواكب فى عدد نادر صدر عام 1956، تحت عنوان: "المحضر يحجز على زنوبة"، حيث أشارت المجلة إلى المشكلة التى أثيرت وقتها حول أغنية "زنوبة" التى غنتها الفنانة صباح فى فيلم "إزاى أنساك" بطولة وإنتاج وألحان الموسيقار فريد الأطرش، وكان السيناريو يقتضى تقديم مشهد لحفل زفاف، واتفق فريد مع بدرخان مخرج الفيلم على تقديم أغنية تتسم بالطابع الشعبى المنسب لحفلات الزفاف، وكلف بعض المؤلفين بتأليف الكلمات، فقدم له المؤلف محمود فهمى إبراهيم كلمت أغنية "زنوبة"، والتى تقول كلماتها: "زنوبة زنوبة، حلوة وخفة وحبوبة، شوبش يا حبايب نوبة"، وأعجب فريد الأطرش بالكلمات وأمسك بالعود ولحن الأغنية وانتهى من تلحينها فى الخامسة صباحا ً وتم تسجيلها بعد ثلاثة أيام وتوقع لها الجميع أن تكون أغنية الموسم.
وبالفعل نجحت الأغنية نجاحاً كبيراً، واشتد الجمهور على طلبها من الإذاعة حتى أنها كانت تذاع ما يزيد على 10 مرات فى اليوم، وظلت تذيعها كافة الإذاعات العربية، وتهافتت شركات الأسطوانات على تسجيلها، ومن هنا بدأت قصة الخلاف.
ففى باريس كان هناك جمعية للمؤلفين وناشرى الموسيقى انضم إلى عضويتها عدد كبير من الفنانين والأدباء المصريين، وكانت مهمتها تحصيل نسبة الأداء العلنى لأعضائها فى جميع بلاد العالم، ويبيح قانون الجمعية حقها فى أن تبيع إنتاج أى عضو دون الرجوع إليه، وكان فريد الأطرش ومحمد فوى عضوان فى الجمعية، وعندما أسس فوزى شركة الأسطوانات الخاصة به سجلها فى جمعية المؤلفين، فأصبح لها الحق فى الاستفادة من إنتاج الاعضاء.
وسارع محمد فوزى إلى شراء حقوق تسجيل أغنية زنوبة على أسطوانات وتعاقدت معه جمعية المؤلفين على ذلك، واتفق مع صباح على تسجيلها بصوتها، وخلال هذه الفترة كانت شركة كايروفون تسعى للحصول على حقوق تسجيل هذه الأغنية، ولكنها لم تستطع الاتفاق مع جمعية المؤلفين لأنها لم تكن مسجلة بها، فاتفقت مع المؤلف مقابل مبلغ دفعته له ووقع عى هذا الاتفاق، وعلمت جمعية المؤلفين فى باريس بذلك ورأت أن المؤلف خالف قانون الجمعية فأرسلت إليه إنذارا بالفصل.
ومضت شركة كايروفون فى مساعيها، فخاطبت شركة أفلام فريد الأطرش فى لبنان وعرضت مبلغ 300 جنيه مقابل التنازل عن حقوق استغلال "زنوبة"، ويبدو أن فريد الأطرش لم يكن يعلم بالتطورات التى حدثت وطلب رفع المبلغ إلى 500 جنيه.
وخلال ذلك اتفقت شركة كايروفون مع نجاح سلام على تسجيل أغنية "زنوبة"، فسجلتها فى استديو مصر، وعرف محمد فوزى بهذه التطورات، فاعتبرها اعتداء على حقوق شركته، فرفع دعوى مستعجلة يطلب الحجز لدى استديو مصر على كل تسجيل لأغنية زنوبة وتم توقيع الحجز قبل صدور عدد الكواكب بأيام.