لم يكن احتفال جوجل أمس الأربعاء بذكرى ميلاد رئيس جمهورية التمثيل أحمد زكى مجرد صدفة أو مفاجئة قد ينبهر بها البعض، ولكن هو حدث متوقع بالفعل لا بد أن نتعامل معه بسعادة بالغة وفى نفس الوقت نبتعد فيه عن الاستغراب أو التعجب، خاصة أن كبار صناع السينما والدراما التليفزيونية المنتمين لأجيال مختلفة، ممن عاصروا أحمد زكى وغيرهم الذين تواصلوا مع الأجيال التى تلته يرون أن فن التقمص فى مصر قبل ظهور الفتى الأسمر شىء وبعده شىء آخر.
فلم تكن عبقرية أحمد زكى التمثيلية مجرد تميز فى دور أو اتنين، ولكن كان يصل فى كل شخصية يقدمها لأقصى درجات التقمص والنضج، حتى صار يُضرب به المثل عند تقييم أحد الممثلين، على سبيل المثال هناك الكثير ممكن تقمصوا شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ولكن يظل فيلم "أيام السادات"، هو علامة فارقة فى تاريخ السينما المصرية فيما يتعلق بالسير الذاتية السينمائية، وإذا ذُكرت شخصية السادات فى عالم الفن يُذكر أحمد زكى، وكذلك فيلم "ناصر 56"، والذى قدم من خلاله النمر الأسود محطات مهمة فى حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ورغم أن أحمد زكى ليس الأكثر على الإطلاق وسط نجوم جيله فيما يتعلق بعدد الأفلام التى قدموها، فقد تجاوزت الـ60 فيلما فقط، منذ أن بدأ بدور صغير للغاية بفيلم "ولدى" مع ملك الترسو فريد شوقى، حتى أصبح الفيلم الوطنى التاريخى "أبناء الصمت" هو بدايته الحقيقية، وهذا عدد قليل مقارنة بكبار النجوم الذين عاصرهم.
أحمد زكى عندما انتقل إلى الشاشة الصغيرة والتمثيل التليفزيونى مؤديًا دور عميد الأدب العربى طه حسين فى مسلسل "الأيام"، بالفيلم أحدث طفرة كبيرة فى عالم الدراما التليفزيونية حتى سرعان ما تركها ليذهب إلى عشقه الأول وهو السينما حتى صار ثالث أكثر الممثلين فى قائمة أفضل 100 فيلم مصرى عام 1996، حيث شملت القائمة 6 أفلام له، هى: "البرىء"، "زوجة رجل مهم"، "الحب فوق هضبة الهرم"، "إسكندرية ليه"، "أحلام هند وكاميليا" و"أبناء الصمت"، وحصد زكى على عدد كبير من أفلامه كبرى الجوائز فى مصر منها جائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة السينمائى، وكذلك الإسكندرية السينمائى لدول البحر الأبيض المتوسط.
ولم تكن هذه الأفلام هى فقط التى قدمها أحمد زكى وتستحق أن تصل لقائمة أفضل فيلم مصرى، فلا يختلف الجمهور والنقاد على عشق أعماله الأخرى على سبيل المثال "البيه البواب"، "ضد الحكومة"، "الراقصة والطبال"، "معالى الوزير"، وغيرها ممن ينتظرها الجمهور حتى الآن، ليستمتع بمشاهدتها، ويراها النقاد مرارا، ليكتبوا عنها من جديد، ليكتشفوا فى أدائه جديدا مع كل مشاهدة يرونها.
عبقرية أداء أحمد زكى جعلته بالفعل مثالا مشرفا للفن المصرى أمام القادة العرب، حيث تمت دعوته للتحدث فى مركز زايد للتنسيق والمتابعة للحديث عن تجربته السينمائية، فكتب خطابا بخط يده، ونشر الموقع الرسمى للإمبراطور أحمد زكى، صورة للرسالة بخط يده مؤخرا، وجاء فى نص الخطاب الذى كتبه الفتى الأسمر: "أبدأ بتهنئة وتحية، التهنئة لرجل هو الشيخ زايد الذى أصبح على مدى خمسة وثلاثين عاما رمزا للعقل والحكمة والاعتدال والرجولة، وإذا كان معروفا عنا نحن العرب أننا نختلف حتى ونحن نختلف، غير أنه من المؤكد أننا جميعا مجمعون على حقيقة أن هذا الرجل بالفعل وفى أحلك الظروف لم يتوتر أو يفقد أعصابه، لم يتخل عن حكمته، كما لم تتخل عنه حكمته، اسمحوا لى كمواطن عربى وضيف أن أهنئ الشيخ زايد بعيد جلوسه الخامس والثلاثين".
وخلال هذه الرسالة قال الفتى الأسمر، إنه لا يجيد شيئا فى حياته سوى الوقوف أمام الكاميرا، ليعلن عن عشقه الكبير للتمثيل بهذه الجملة، حيث جاء فى طيات خطاب أحمد زكى نصا: "أما التحية فهى لكم لدعوتكم لى، لشرف التحدث معكم فى مركزكم الموقر، مركز زايد للتنسيق والمتابعة، كما يشرفنى أن أكون أول سينمائى عربى يعترف المركز بأهمية ما يقدمه.. أحييكم وأشكركم.. سادتى لست أجيد شيئا فى حياتى سوى الوقوف أمام الكاميرا، ولا أرغب فى شىء فى الوجود إلا العمل من أجل تقديم فن جيد، ولست أطلب شيئا من جميع البشر سوى معاملتى بإنصاف وإتاحة الفرصة لى لكى أعمل، فقط لكى أعمل.. مرة أخرى وليست أخيرا أشكركم وأتقدم لكم بالتهنئة والتحية".
مواقف كثيرة أكد خلالها كبار نجوم الفن الذين عاصروا أحمد زكى، أنه قد تحدث مشكلة كبرى داخل لوكيشن التصوير من أجل أن يقدم أفضل أداء له، حيث كشف النمر الأسود خلال لقاء له مع الإعلامية والفنانة صفاء أبو السعود فى لقاء نادر عن العديد من الأسرار بخصوص دوره فى فيلم "العندليب"، حينما جسد شخصية عبد الحليم حافظ، بالإضافة إلى استرجاعه ذكريات فيلم ناصر 56 ورسالة فريد شوقى فى العرض الخاص التى طمأنته بعد فترة من القلق حول الدور، وفى هذا اللقاء حل ملك الترسو فريد شوقى ضيفا على البرنامج، بالإضافة إلى المخرجين سمير سيف وعلى بدرخان، وهما اثنان ممن عملوا مع أحمد زكى، حيث تحدثوا جميعا عن أهم ما يميز الفنان الراحل، بالإضافة إلى سر مشاكله داخل اللوكيشن الذى تحدث عنها زكى بتأكيده أن أغلب خناقاته داخل لوكيشن التصوير تكون بسبب العمل ولصالحه.