أحيانا تكون الصداقة عاملا مهما فى تغيير حياة الإنسان ومصيره ووضعه على أول طريق النجاح، وهكذا كانت الصداقة بين العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والموسيقار كمال الطويل عاملا مهما فى مصير وحياة ونجاح كل منهما.
وهو ما أوضحه كمال الطويل فى مقال نادر كتبه لجملة الكواكب فى عدد نادر صدر عام 1957 تحت عنوان "نقيب الموسيقيين عارض اشتغال عبد الحليم وكل الملحنين تهربوا منه"، وشرح فى هذا المقال كيف أثرت صداقته للعندليب فى مصير كل منهما، حيث أصبح هو ملحنا من أجل عيون صديقه ليضع عبد الحليم على أول طريق الشهرة.
وقال كمال الطويل إنه تزامل مع حليم أثناء الدراسة بمعهد الموسيقى وبعدها عمل الطويل مراقبا للموسيقى بالإذاعة، وقرر أن يفتح لصديقه الطريق ليغنى فى الإذاعة، ولم يكن حينها يهتم بالتلحين أو الغناء، وكان تركيزه منصب على مسئوليته كمراقب للموسيقى بالإذاعة.
وأشار كمال الطويل إلى أن نظام العمل بالإذاعة وقتها كان رتيبا يقتضى أن يختار الملحن المطرب الذى يسند له ألحانه، وأنه طلب من عدد من الملحنين أن يسندوا لحنا من ألحانهم لصديقه العندليب، ولكنهم كانوا يتهربون، ولأنه كان مؤمنا بموهبة صديقه قرر أن يلحن له أغنية ليقدم بها فى الإذاعة، خاصة أنه كان المعتاد أنه لا يلتحق أى مطرب جديد بالإذاعة إلا إذا غنى من ألحان أحد ملحنيها.
وكانت لجنة الإذاعة وقتها مكونة من الإذاعى الكبير حافظ عبد الوهاب، ونقيب الموسيقيين وقتها عبد الحميد عبد الرحمن، وكمال الطويل، وعارض النقيب اشتغال حليم كمطرب، وكان يرى أن عازف الأوبوا لا يمكن أن يكون مطربا، وانسحب من اللجنة، ولكن كان االطويل وحافظ عبد الوهاب مؤمنين بموهبة حليم، وأخذ كل منهما على عاتقه مسئولية تقديم هذا المطرب الجديد للناس، وهو ما دفعهما للبحث عن اسم رنان لعبد الحليم غير اسم عبد الحليم شبانة، وحتى لا يخلط الناس بين اسمه واسم شقيقه إسماعيل شبانة الذى كان نجما بالإذاعة وقتها، ولذلك اختارا لعبد الحليم اسما مشتقا من اسم الإذاعى حافظ عبد الوهاب، ليكون اسم العندليب عبد الحليم حافظ، ووضع كمال الطويل لصديقه أول لحن ليلتحق به بالإذاعة، ومن هنا شق كمال الطويل طريقه كملحن وموسيقار كبير، بعد أن نجحت ألحانه بصوت عبد الحليم نجاحا كبيرا، فأقبل عليه كبار المطربين والمطربات ليلحن لهم، ونجح الصوت الجديد ليهدى الفن عندليبا أسمر متفردا فى تاريخ الطرب.