هناك أشخاص فى الحياة يمثلون صمام الأمان لكل من يعرفهم، تراهم إلى جوارك فى أوقات الشدة مهما كانت الظروف، لا يبحثون كغيرهم عن ذرائع وأعذار للغياب، يتذكرونك إذا نسيك الجميع، يحفظون الود مهما تغيرت أحوالك وأصابتك تقلبات الزمن والحياة، وجوههم الطيبة وحضورهم الصادق المحب بلا نفاق أو رياء هو آخر ما تبقى من خير الدنيا وأمانها، وهكذا هو وجهها المحب الصادق الذى لا يغيب عن أصدقائه ولا يتحجج بأعذار مهما كانت الظروف.
هكذا أصبحت الفنان الكبيرة دلال عبد العزيز نموذجا لكل الطيبين الذين يؤكدون لمن حولهم دائما أن الدنيا لازالت بخير وأنهم سيقفون إلى جوارهم دائما فى أوقات الفرح والمحن، وأنه رغم ما أصاب الدنيا والبشر لا يزال هناك من يحملون الحب الصادق والوفاء الدائم والأصل الطيب، ومن تجدهم إلى جوارك دائما سندا فى كل وقت.
لا تغيب دلال عبد العزيز عن أى عزاء حتى فى أشد أوقات الذعر والخوف بعد انتشار فيررس كورونا، لا تتأخر عن متابعة زميل أو صديق يمر بأزمة حتى وإن غاب لسنوات، وهكذا فعلت مع الفنان الكبير جورج سيدهم، الذى ظلت تزوره وتسأل عنه وتحتفل بعيد ميلاده حتى رحل عن عالمنا بعد رحلة مرض طويلة.
دلال عبد العزيز نموذج للوفاء والحب الصادق، يتمنى كل منا أن يكون له صديق أو صديقة فى مثل وفائها وحبها لأصدقائها، يكفى أن ترى قلقها ولهفتها على صديقتها رجاء الجداوى حين مرضت وأصابها فيروس كورونا وتم احتجازها بالرعاية المركزة، وكيف كانت تتوسل إلى الله وتدعو لها بصدق وحب ودأب، كيف كانت تدعو كل أصدقائها بكل جروبات التواصل الاجتماعى أن يصلوا صلاة توسل ويقرأوا سورة يس فى وقت واحد بنية شفاء صديقتها المريضة، وكيف رافقتها حتى أوصلتها إلى دار البقاء، وحافظت على برها بعد وفاتها بختم القرآن أكثر من ثلاثين مرة ودعوة كل أصدقائهما لذلك.
وظلت دلال عبد العزيز تحفظ جميل جورج سيدهم حتى وفاته، وتعلن دائما أنه صاحب فضل عليها، وأنه هو الذى قدمها على المسرح، وكان سببا فى تعرفها على زوجها الفنان الكبير سمير غانم، وقليلا من أهل الفن ما يشكرون ويذكرون من وقفوا إلى جوارهم فى بداياتهم.
دلال عبد العزيز نموذج الزوجة الوفية والأم التى استطاعت بحكمة أن تعبر بأسرتها الفنية إلى بر الأمان، وأن تربأ بها عما يحتاج الزيجات الفنية من تقلبات وأزمات، وأن تحافظ على حب عمرها الفنان الكبير سمير غانم، أحبته فى صباها بعدما جمعتهما مسرحية "أهلا يا دكتور"، رغم تحذير عدد من زملائها، كما صرحت فى أكثر من لقاء، مؤكدة أن عددا من كبار الممثلين أكدوا لها أنه لا يفكر فى الزواج، ومنهم محمود مرسى والمليجى وجورج سيدهم وعبد المنعم مدبولى، لكنها لم تكذب قلبها الصادق رغم فارق السن بينهما، حتى تزوجا وأنجبا ابنتيهما دنيا وإيمى.
دلال عبد العزيز الإنسانة التى تراها نموذجا للمرأة المصرية بنت الأصول وصاحبة الواجب المحبوبة من الجميع والتى تقف إلى جوار الجميع، القادرة على التميز فى عملها وبيتها وعلاقاتها الاجتماعية، وفضلا عن كل هذه الصفات الإنسانية الجميلة فإنها تمتلك موهبة فنية جبارة تؤهلها لأداء كل الأدوار باحترافية شديدة، وتستطيع تطويع هذه الموهبة مع كل مرحلة عمرية.
برعت دلال عبد العزيز فى تجسيد أدوار الشر بنفس براعتها فى تقديم أدوار الخير، وفى الكوميديا بنفس القدرة على تجسيد التراجيديا، فمن يرى كمية الشر الذى تحمله فطوم فى مسلسل" الناس فى كفر عسكر"، لا يصدق أنها "نعمة" التى تحمل كل معانى الخير والصداقة والإنسانية فى " حديث الصباح والمساء"، وهى ذاتها الأم لمياء التى تحمل كل صدق وتلقائية وخفة ظل أمهات مصر فى "سابع جار".
تحمل دلال عبد العزيز من خفة الظل والإمكانيات الفنية ما يجعلها من أحب النجوم الذين يقدمون أعمالاً كوميدية بما يؤهلها إلى مبارزة أكبر نجوم الكوميديا، ومنهم الزعيم عادل إمام الذى شاركته عددا من الأعمال آخرها مسلسل فلانتينو، كما شاركت عدد من النجوم الشباب العديد من الأعمال، ومنهم أحمد حلمى ومحمد هنيدى.
دلال عبد العزيز التى تألقت على المسرح تمثيلاً واستعراضاً فى العديد من المسرحيات ومنها: أهلا يا دكتور، أخويا هايص وأنا لايص، هالة حبيبتى، حب فى التخشيبة، جوازة طليانى.. وغيرها" وأبدعت فى السينما ووقفت أمام العمالقة ومنهم فريد شوقى وكريمة مختار وفؤاد المهندس، وقدمت عددا من الروائع، منها: "يا رب ولد، مبروك وبلبل، إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بئر الخيانة، عشماوى، وغيرها"، وهى أحد كبار نجوم الدراما التليفزيونية، الذين ساهموا فى صناعة أهم المسلسلات والأعمال التليفزيونية، وتنوعت أدوارها فيها بشكل كبير، يؤكد على عبقرية موهبتها التى استطاعت تطويعها تدرجا من أدوار الفتاة الصغيرة وحتى أدوار الأم، ولا تملك إلا أن تحبها وتصدقها فى كل مرحلة وكل دور.
هكذا تقدم دلال عبد العزيز نموذجا إنسانيا وفنيا متفردا يندر وجوده، تمنح الأمان لكل من يراها بأن الدنيا والفن بخير، شكرا دلال عبد العزيز، ولكل نماذج دلال عبد العزيز فى الحياة.