مثلما كان الإبداع والجمال رفيقين لها منذ مولدها، كانت الآلام والأحزان رفيقا ثالثا للجميلة الساحرة شريهان التى تحتفل اليوم بعيد ميلادها الـ56، حيث ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 6 ديسمبر من عام 1964.
وتشبعت شريهان منذ نعومة أظفارها برحيق الفن والإبداع، ونشأت بين عمالقة الفن الذين اعتادت رؤيتهم وتنبأوا لها بمستقبل فنى كبير، حيث جلست طفلة على أقدام أم كلثوم، وداعبها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذى حضرت بعض بروفات روائعه مع شقيقها الموسيقار الراحل عمر خورشيد، ونشأت فى بيت يتردد عليه عباقرة الفن، منهم بليغ حمدى، ويحيطه جيران من نوع خاص، مثل رشدى أباظة وسامية جمال وفاتن حمامة.
أبهرت الجمهور بكل ما قدمته من أعمال فنية منذ بداياتها فأصبحت أيقونة الجمال والاستعراض ونجمة الفوازير والمسرح والسينما والتليفزيون، التى تستطيع تجسيد كل معانى الفرح وأقسى درجات الحزن.
وبدأت أوجاع النجمة الجميلة منذ سن مبكرة، بأزمتها الأسرية مع أسرة والدها، وقضية نسبها، ووفاة شقيقها الموسيقار عمر خورشيد الذى كان سندها فى الحياة، ثم وفاة والدتها، والحوادث التى تعرضت لها، ثم مرضها النادر، ومع كل أزمة تخرج شريهان منتصرة قوية رافضة للاستسلام.
أصيبت فى حادث مروع عام 1990، وانكسر ظهرها وعمودها الفقرى وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها، وظلت لسنوات عاجزة عن الحركة، وتوقع الأطباء أنها لن تستطيع الوقوف على قدميها، لكنها هزمت العجز وعادت أقوى، وقامت ببطولة الفوازير وقدمت مسرحية شارع محمد على وعددا من الأفلام.
وفى عام 2002 دخلت فى تحد ومعركة جديدة عندما أصيبت بسرطان الغدد اللعابية أحد أشرس أنواع السرطان، هذا المرض النادر الذى اختار جميلة نادرة، فغابت شريهان مرة أخرى عن جمهورها لتخوض أشرس معركة يمكن أن يخوضها إنسان، أجرت العديد من الجراحات، وعانت من اختلال فى الوزن بسبب المرض وعلاجه، فتارة ينقص وزنها حتى يصل إلى 37 كيلو ثم يزداد ليصل إلى 117 كيلو، وتارة تتغير ملامحها حتى لا يكاد يعرفها أحد، وما أقسى أن يتغير شكل الفنان لدرجة ألا يعرفه جمهوره ومحبوه، ولكنها شريهان التى اعتادت أن تنتصر على كل الآلام وتتحدى كل التوقعات؛ ولأنها كذلك أنجبت ابنتها الثانية "تالية القرآن" خلال فترة مرضها.
واستعانت شريهان على المرض والألم بحب الجمهور الذى اعتبرها ابنته وطفلته وحبيبته التى يدعو لها من قلوب محبة، ويتعلق بها رغم الغياب، وبعبادات وتقربات لله فى الخفاء، فاستجمعت قواها وانتصرت فى معركتها مع الألم، لتستعد للعودة لجمهورها فى عمل استعراضى جديد من إنتاج العدل جروب.
وتحدثت شريهان لأول مرة عن محنتها الأخيرة مع المرض فى البرنامج الإذاعى "الناس العزاز" الذى أذيع رمضان قبل الماضى وقدمه الدكتور مدحت العدل، لتؤكد أن الموسيقى هى عشقها وسر حياتها قائلة: "الموسيقى هى شفائى ودوائى وضحكى وبكائى"، مشيرة إلى أن أصعب لحظاتها عندما تغيرت ملامحها وكانت تنظر فى وجوه الناس وهى فى الحرم فلا يعرفها أحد، حتى اجتازت المحنة وبدأت تستعيد صحتها وملامحها مع بداية 2011.