دائمًا يعبر الفن عن الواقع وشخوصه ويقدم نماذج إنسانية نراها تقترب فى أحيان كثيرة من الشخصيات التى نقابلها ونتعامل معها، يعكس صورة للحياة والبشر ويقدمها فى قالب فنى يستلهم صفات الناس وطبائعهم وتفاصيل حياتهم واختلافاتهم.
ولأن الأم التى نحتفل بعيدها خلال شهر مارس نموذج إنسانى ثرى بالمشاعر والحكايات والصفات كان الفن دائمًا وعلى مدار تاريخه يقدم صورًا مختلفة للأم من خلال السينما والدراما والمسرح، فترى شخصية الأم حاضرة فى معظم الأعمال الفنية تحاكى اختلافات الواقع، ما بين الأم البسيطة والارستقراطية، الضعيفة وقوية الشخصية، الحنونة والصبورة والمغلوبة على أمرها والمتسلطة، الساذجة والذكية، مكسورة الجناح ومسلوبة الإرادة والمثابرة العنيدة، مئات النماذج التى جسدها الفن لشخصية الأم وقدمتها الفنانات بطرق مختلفة.
ولم يقتصر تقديم شخصية الأم فى الأعمال الفنية على الصورة النمطية للأم الحنون الطيبة، بل قدمت السينما صورًا أخرى للأم المتسلطة ذات الشخصية القوية الحازمة والتى تغلب قسوتها على حنانها.
وكانت الفنانة الكبيرة دولت أبيض من أبرع الفنانات اللاتى قدمن هذا الدور، فالفنانة الكبيرة هى إحدى رائدات المسرح وحققت نجاحات كبيرة فى أدوارها المسرحية والتاريخية التى جسدت فيها أدوار الملكة أو الأميرة والحاكمة المتسلطة، و بدأت مشوارها السينمائى فى الثلاثينات بفيلم زينب ، ثم اختارها المخرج محمد كريم لأداء دور زوجة الأب المتسلطة فى فيلم الوردة البيضاء سنة 1932، ولبراعتها فى تجسيد الدور ، حصرها المخرجون فى أداء شخصية الأم القاسية والارستقراطية، وكان من أشهر أدوارها دور أم ندا فى فيلم المراهقات ، لتبدع فى دور الأم القاسية الرجعية التى تفرق فى المعاملة بين الابنة والابن، وتقهر مشاعر ابنتها وتقسو عليها، ورغم ذلك أجادت الفنانة الكبيرة دور الأم والجدة الحنونة فى فيلم امبراطورية ميم مع فاتن حمامة.
ومن بين الفنانات اللاتى برعن أيضًا فى تقديم ادوار الأم القاسية المستبدة التى تفرض رغبتها على أبنائها أو زوجة الأب التى تقسو على ابنة زوجها لصالح ابنتها الفنانة الكبيرة علوية جميل ، ومن بين هذه الأدوار دورها في فيلم التلميذة، وليلى بنت الأغنياء والحبيب المجهول، وقدم الخير، وفى العديد من الأدوار، ورغم ذلك أجادت علوية جميل فى دور الأم التى تضحى من أجل أسرتها وأبنائها فى فيلم الأم القاتلة التى تتورط فى جريمة قتل راقصة تحاول هدم أسرتها.