فى مثل هذا اليوم عام 636م و16 هـ، نجح المسلمون بقيادة أبوعبيدة بن الجراح فى دخول مدينة حمص فى الشام فيما عرف بـ"فتح حمص".
كانت مدينة حِمص فى النصف الأول من القرن السَّابع الميلادى، قبل الفتح الإسلامى، مركزًا إداريا مهمًا، كما كانت قاعدة هرقل، يُرسلُ منها الجُيوش لِمُحاربة المُسلمين فى الجنوب، ويُديرُ منها العمليَّات العسكريَّة.
بعد نجاح أبو عُبيدة فى فتح بعلبك سار إلى حِمص، ولمَّا وصل إلى ضواحيها تصدَّت له قُوَّة عسكريَّة فى جوسية، على بُعد ستَّة فراسخ منها بين جبل لُبنان وجبل سنير، فوجَّه إليها خالد بن الوليد، فاشتبك مع أفرادها وهزمهم، فولّوا الأدبار ودخلوا المدينة.
حاصر جيش المسلمين مدينة حِمص التى أغلقت أبوابها فى وجههم. كانت القُوَّة المُدافعة على المدينة تأمل فى تلقّى دعمٍ سريعٍ من جُيوش الإمبراطوريَّة.
كانت حمص محاطة آنذاك بخندق يبدأ من قلعة حمص الأثرية مروراً بحى الصفصافة إلى حى باب الدريب ثم إلى حى باب تدمر، ثم يتجه إلى وادى السايح شمالاً.
لم يستطع هرقل أن يرسل جيشا ليساعد أهل المدينة بسرعة، ومع اشتداد برودة الجو كان لأهل المدينة أمل أن يُجبر البرد وقساوة الطقس المُسلمين على التراجع، انقسم أهل المدينة إلى فريقين مالت الأولى إلى التفاهم مع المُسلمين بِفعل قُوَّتهم الكبيرة التى هزمت الروم فى أكثر من مُناسبة وعجز البيزنطيون عن إمدادهم بالمُساعدة، وأصرَّت الثانية على الاستمرار فى المُقاومة والصُمود.
طال حِصار المسلمين حِمص، وساءت حالتهم، وخشوا على أنفُسهم من السبى إن فُتحت مدينتُهم عِنوة. ووقع فى هذه الأثناء، زلزالٌ فى المدينة أدَّى إلى تدمير بعض البُيوت والمُنشآت، وألحق أضرارًا أُخرى بالسُّكَّان، فى الوقت الذى تجاوز فيه المُسلمون الأوضاع المُناخيَّة؛ الأمر الذى أدَّى إلى التوافق بين الحامية البيزنطيَّة والسُّكَّان إلى طلب الصُلح.
عرض المسلمون تسليم المدينة بدون قتال شريطة المحافظة على بيوتهم ودور العبادة وأموالهم وأراضيهم، ولا زال هذا الصلح موجوداً فى إحدى كنائس المدينة، ويقول المسلمون إن مدينة حمص فتحت دون قتال، حيث لا زال المسيحيون متواجدين فى الأحياء القديمة بالمدينة فى وادى السايح وبستان الديوان وقسم من الحميدية.
ساير المُسلمون مشاعر الحِمصيين إلى حدٍ بعيد، فلم يدخُلوا المدينة بل نصبوا خيامهم بالقُرب منها على ضِفاف نهر العاصى.
وكتب أبو عُبيدة إلى عُمر فى المدينة المُنوَّرة يُخبره بما حصل، ويُعمله بأنَّ الجيش الإسلامى سيتوجَّه نحو الشِمال لِمُطاردة هرقل.