قديمًا كانت العديد من المسرحيات تستخدم اللغة العربية الفصحى، وكان العديد من الأدباء يناصرون هذا الاتجاه لدرجة أنهم كانوا ينتقدون أحيانًا المسرحيات التي تستخدم اللهجة العامية، وكان من بين هؤلاء عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى طالما هاجم الفنان الكبير نجيب الريحانى لاستخدامه اللهجة العامية ، وكانت بينهما معركة كتب عنها الأديب والمبدع الكبير بديع خيرى في عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1956 أي بعد وفاة الريحانى.
وأشار خيرى إلى أنه كانت هناك العديد من الأصوات التي تنتقد استخدام العامية في العروض المسرحية وتزعمهم الأديب الكبير طه حسين، الذى انتقد استخدام الريحانى لاستخدام اللغة العامية الدارجة في أعماله المسرحية ، مؤكداً أن الريحانى كان يقرأ هذه المقالات ويعجب بقوتها وبمنطقه في الإقناع ولكنه لم يملك أن يرد على هذه الانتقادات لأنه ليس من رجال القلم.
وتابع بديع خيرى قائلا: "فكر الريحانى في أن ينقل هذه الحرب إلى الميدان الذى يستطيع أن يحارب فيه، وكتبنا رواية مدرسة الدجالين وكان فيها مشهد لبائعة دجاج تنادى على بضاعتها في أحد الشوارع الشعبية وجرى المشهد بين البائعة وزبائنها باللغة العربية الفصحى"
وأوضح خيرى أن الحوار جرى على لسان البائعة وهى تنادى على بضاعتها قائلة "هلموا أيها الزبائن إلى الدجاج السمين، الدجاج العذارى الذى تربى تربية منزلية طيبة والذى أبيعه بثمن بخس"
فتظهر فتاة من الشباك تنادى على البائعة قائلة: "تعالى أيتها البائعى كى أرى الدجاج وأفحصه"، ثم يظهر في المشهد رجل أجنبى ويحاول مساومة بائعة الدجاج وتحدث بينهما مشاجرة فقال لها: "كيف هذا أتريدين أن تبيعيني هذه الدجاجة النحيلة بثلاثة وعشرين قرشًا أيتها السارقة"، وتتصاعد المشاجرة بين الخواجة وبائعة الدجاج ويتم استدعاء البوليس، بعد أن ينادى الأجنبي: "أيها العسس، أيها البوليس، يا رجال الشرطة، هلموا إلي، النجدة"، فتأتى الشرطة لاصطحابهما إلى المخفر، ويجرى كل هذا المشهد يجرى باللغة العربية الفصحى.
وأكد خيرى أن هذا المشهد كان من أكثر مشاهد الرواية إضحاكًا، وأن نجيب الريحانى دعا الأديب الكبير طه حسين في ليلة الافتتاح، وكان عميد الأدب العربى من أكثر الضاحكين على هذا المشهد، وفطن إلى ما يقصده الريحانى بأنه ليست كل المشاهد والمسرحيات والعروض تصلح باستخدام اللغة العربية الفصحى.
وأضاف بديع خيرى أن طه حسين كتب في اليوم التالى مقالاً يعترف فيه بخطأ رأيه الذى نادى به، مؤكداً أن المسرح الفكاهى لا يطلح مع اللغة العربية الفصحى على الإطلاق مادامت اللغة العامية هي لغة البيت والشارع، وهكذا انتصر الريحانى على طه حسين في هذه الموقعة.