أحياناً تصل درجة الإعجاب بالفنان إلى حد الجنون والخروج عن المعتاد، وكثيراً ما حدثت وقائع غريبة وطريفة بين الفنانين والمعجبين، وسمعنا وقرأنا الكثير من حكايات مجانين الفنانين ومواقفهم مع نجومهم المفضلين.
ومن بين حكايات مجانين الفنانين قصة مجنونة الفنان الكبير محسن سرحان والتى كتب عنها بنفسه فى مقال لمجلة الكواكب صدر عام 1954 تحت عنوان " حب بالعافية".
وقال الفنان الكبير الذى حقق شهرة واسعة وقتها فى مقاله أنه وصله خطاب من طالبة ذات يوم تفوح منه رائحة العطر ومليئ بعبارات الحب والهيام، وطلبت منه فى نهاية الخطاب أن يرد على خطابها على عنوان مدرسة من مدارس البنات، وضحك محسن سرحان لسذاجة الطالبة ووضع الخطاب مع باقى خطابات المعجبات.
وأشار الفنان الكبير إلى أنه بعد أربعة أيام وصله خطاب أخر من نفس الطالبة يحمل لوماً وعتاباً شديداً، مؤكدة أنها سهرت الليالى تنتظر رده وأن يقول لها أنه يبادلها الحب، وكتبت الطالبة عبارة أرعبت الفنان فى نهاية خطابها مؤكدة أنها ستنتحر إذا لم يرد عليها.
وخاف محسن سرحان من أن يرد على خطاب الطالبة فتظن أنه يحبها وتعيش فى مزيد من الأوهام، وفى نفس الوقت خاف من أن يهملها فتنفذ تهديدها وتنتحر، ولم يجد سبيلاً سوى أن يذهب لمقابلة ناظرة المدرسة ليطلعها على خطورة الأمر حتى تتصرف.
وأكد سرحان أنه ذهب وقابل ناظرة المدرسة وتفهمت الموقف ووعدته بأن تتصرف وتحاول استيعاب الفتاة، ولكنه فوجئ بعد يومين بمن يطرق باباه فى الصباح الباكر، وفتح ليفاجئ بفتاة صغيرة ترتدى ملابس المدرسة وتحمل حقيبة كتب، وقالت فى صوت منخفض" صباح الخير يا استاذ"، وعرف الفنان الكبير أنها الفتاة صاحبة الخطابات، فرد التحية وقال "أى خدمة"، فقالت الفتاة والدموع تملا عينيها :"ممكن أتكلم مع حضرتك"
ودعا محسن سرحان الفتاة للدخول، وجلست ولكنها ظلت صامتة وخاف من أن يقسو عليها فتنفذ تهديدها أو أن يبدى تعاطفاً فتظنه حباً ، وهنا قال لها :"انا متشكر لشعورك نحوى، ولازم تعتبرى نفسك أختى الصغيرة ، وتقدرى تتفضلى فى البيت فى أى وقت تقعدى معايا ومع الست بتاعتى ولازم أعرفك عليها".
ونهض سرحان ونادى على زوجته التى كانت تعرف بقصة الفتاة واستوعبت الموقف، وتعاملت بلطف مع الفتاة وتحدثت معها عن الدراسة، ثم نظر محسن سرحان للساعة وسأل الطالبة عن موعد جرس المدرسة وقال لها أنها يجب أن تمضى حتى لا تتأخر، وقالت لها زوجته أنها تنتظرها إذا أرادت زيارتها فى أى وقت.
ومضت الفتاة وظن محسن سرحان أن الموضوع انتهى وأنها ستيأس بعد أن عرفت أنه متزوج ويحب زوجته ، ولكن بعدها وصله خطاب من الفتاة تقول فيه أنه أذكى من قابلته فى حياتها، ورغم ذلك فإنها لن تنسى حبه، ولن ترضى بالصداقة التى أراد أن يورطها فيها مع زوجته، ولن تتركه، فإما هو أوالموت، فساوره القلق من جديد.
وفى المساء ركب محسن سرحان سيارته متجهاً إلى استديو مصر فى شارع الهرم وبينما هو فى طريقه إذا بفتاة تلقى بنفسها تحت عجلات السيارة ، فحاول أن يتفاداها ولكنها اصطدمت بمقدمة السيارة ووقعت على الرصيف ، ونزل الفنان الكبير بسرعة ليجدها هى المجنونة التى تطارده ، وأفاقت الفتاة بلا إصابات وكانت ترتجف وتبكى :" ليه مقتلتنيش"، فصرخ فيها بانفعال :" يامجنونة كنتى هتودينى فى داهية"، وخيرها إما أن يذهب بها إلى قسم البوليس و إلى بيتها"
وبالفعل أوصل محسن سرحان الفتاة إلى بيتها وقابل والدها، وكان رجلاً وقوراً كبير العقل، وتفهم الموقف ووعد بأن يتحدث مع ابنته ويحل هذه الأزمة، مؤكدا أن ابن عمها تقدم للزواج منها.
وأوضح محسن سرحان أنه بعد فترة وصله خطاب ودعوة فرح من الفتاة تدعوه فيها لحضور حفل خطوبتها وكتبت فيها " لابد أن تحضر خطوبة أختك"