كانت كوكب الشرق أم كلثوم تتمتع بذكاء وخفة ظل وسرعة بديهة عرفت بها بين كل من اقترب منها وتعامل معها، وقد يعتقد الكثيرون أن كوكب الشرق عانت من المرض فى نهايات حياتها فقط، ولكن كانت أم كلثوم تتعرض لبعض الوعكات الصحية فى شبابها لدرجة أنها كانت تسافر لتلقى العلاج بالخارج، ورغم ذلك تراه فى منتهى القوة عندما تقف على المسرح لتغنى مهما كانت حالتها الصحية.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1953، أجرت المجلة حوارًا مع أم كلثوم تحت عنوان: "أم كلثوم تصحب أثمن رفيق فى سفرها"، وكانت حينها كوكب الشرق تستعد للسفر إلى أمريكا فى رحلة علاج بعد تعرضها لوعكة صحية.
وفى هذا الحوار لم تفصح كوكب الشرق عن طبيعة مرضها وأجابت عن اسئلة الكواكب ببعض التحفظ، فحين سألها المحرر عن طبيعة مرضها الذى تسافر لعلاجه، أجابت قائلة: "شيء غريب وهل اشتغلت بالطب حتى أعرف طبيعة مرضى، وأعرف تشخيصه"، مؤكدة أنها ستسافر إلى أمريكا حتى يراها طبيب ويحدد مرضها وحالتها ، وقالت للكواكب: "هناك سأرتاح لفترة من صاحبة الجلالة الصحافة".
وحين سأل محرر الكواكب كوكب الشرق عن عدد الحقائب التى تحملها معها فى سفرها ومن سيسافر معها، أجابت: "لا يهم القراء أن يعرفوا عدد حقائبى أو من سيسافرون معى، ولو أحسنوا صنعًا لسألونى عن أثمن شيء سأصحبه معى فى سفرى لأمريكا؟".
وهنا سألها المحرر عن هذا الشيء الثمين، فمدت أم كلثوم يدها إلى قطعة خضراء من الحرير وفتحتها وأخرجت منها مصحفاً وقالت: "هذا هو الشيء الثمين الذى أحرص على أن أصطحبه فى كل مكان أذهب إليه، فهذا المصحف لا يفارقنى فى سهراتى وفى بيتى وأثناء سفرى، هفهو أنيسى دائمًا فى السفر".
وأشارت كوكب الشرق إلى أنها ستغيب عن مصر خلال هذه السفرية لمدة ثلاثة أشهر، مؤكد أنها تبكى دائمًا فى كل مرة تغادر فيها مصر لأنها لا تقوى على فراق وطنها.
وحين سألها محرر الكواكب عن الأسطوانات الغنائية التى تصحبها معها فى سفرها أجابت أم كلثوم مستنكرة: "وهل ساسافر فى رحلة فنية أم رحلة علاجية؟"، مشيرة إلى أنها اصطحبت معها عددًا من الكتب فى الأدب والشعر وليس الاسطوانات وأن الوحدة والغربة فرصة جيدة للقراءة.
ورفضت أم كلثوم الإفصاح عن أسماء الأدباء والشعراء الذين تقرأ لهم خلال رحلتها العلاجية حتى لا يغضب غيرهم ممن لن تذكر أسماءهم.
وتساءل المحرر هل يمكن أن تتورط كوكب الشرق وتضطر للغناء فى إحدى الحفلات أثناء رحلة العلاج، فأجابت أم كلثوم إجابة قاطعة، قائلة: "أبدًا، ولو وضعوا ثقلى ذهبًا، فصحتى أهم عندى من كل شيء وسأنسى خلال وجودى فى أمريكا أى شيء سوى العلاج حتى أعود إلى وطنى سليمة وبصحة جيدة"