كان الفنان الكبير عزيز عيد أحد كبار رواد المسرح فى مصر والعالم العربى ، حتى أنه يعتبر الأب الروحى للمسرح وفنانيه وعمالقته، وكان من أوائل الذين درسوا فنونه وعرفوا خباياه، وتتلمذ على يديه العديد من عمالقة الفن ورواده.
ولكن لم يكن حظ عزيز عيد بنفس قدر موهبته بل عانى كثيراً فى سبيل حبه للفن والمسرح وخسر كل ما يملك، وعاش فى نهاية حياته فى فقر وبؤس.
وحكى وحش الشاشة فريد شوقى فى حوار نادر له عن عدد من المواقف التى جمعته فى صباه وشبابه مع أبو المسرح عزيز عيد.
وقال ملك الترسو أنه فى عام 1939 كون مع عدد من زملائه الطلبة فرقة تمثيل، وفكروا فى تأجير مسرح ليقدموا أولى حفلاتهم، ولم يجدوا أمامهم سوى مسرح دار التمثيل العربى خلف حديقة الأزبكية، وعرفوا أن عزيز عيد هو صاحب الحق فى تأجير هذا المسرح لأنه كان يستأجره من شركة مصر للتمثيل والسينما.
وذهب فريد شوقى وزملائه إلى عزيز عيد وعرضوا عليه الأمر قالوا له أنهم يطمعون فى كرمه ومروءته وأن يؤجر لهم المسرح ليلة واحدة فى مقابل مبلغ بسيط يتناسب مع ميزانيتهم كطلبة هواة، ووافق عزيز عيد أن يؤجر لهم المسرح ليلة واحدة مقابل 4 جنيهات، وشكره فريد شوقى وزملائه على هذا الكرم ودفعوا له مبلغ 50 قرش كعربون على أن يدفعوا باقى المبلغ ليلة العرض.
وفى اليوم التالى ذهب وحش الشاشة وزملائه لتجهيز المسرح فإذا بهم يفاجئون بانه مغلق بالضبة والمفتاح بعد أن وزعوا الإعلانات وطبعوا التذاكر، وعرفوا أن شرة مصر للتمثيل والسينما هى التى أغلقت المسرح بسبب تأخر عزيز عيد فى دفع الإيجار مدة طويلة.
وقال ملك الترسو أنه وزملائه شعروا بالغيظ من عزيز عيد ومن هذا الموقف الذى وقعوا فيه، وصمموا أن يذهبوا إليه ليسترجعوا الخمسين قرش التى دفعوها.
وأوضح فريد شوقى أنهم بحثوا عن الفنان الكبير عزيز عيد حتى وجدوه يجلس بجوار سور حديقة الأزبكية تحت أشعة الشمس يأكل" خس"، فتقدم نحوه وحش الشاشة بصفته زعيم المجموعة وقال له "تسمح ياأستاذ ترجع الخمسين قرش اللى أخدتهم منا عربون"، فنظر إليه عزيز عيد وأشار إلى حزمة الخس التى أمامه وسأل فريد شوقى فى لهجة تمثيلية ساخرة :" إيه ده؟"، فرد فريد :" ده خس طبعاً"، فقال له أبو المسرح فى لهجة أشد سخرية :" يعنى مش ديك رومى"، فرد ملك الترسو " لأ"، وهنا هز عزيز عيد رأسه وهو يقول :" تفتكر لو معايا 50 قرش كنت أتغدى خس".
وقال وحش الشاشة :" اعتبرنا كلام الفنان الكبير عزيز عيد نكتة ظريفة رغم ما فيها من مأساة لرجل خدم التمثيل طوال حياته، وانصرفنا ونحن فى أشد الأسى على حاله دون أن نسترد العربون"