إذا كنت من مشاهدى الدراما العربية فى رمضان، فتوقع كل ما هو جديد، من القائمين على القنوات العربية فى إخفاء هوية العمل الدرامى، بجعل أصابعك بداية تداعب فروة رأسك متسائلا متى سينتهى صنبور الإعلانات الذى انفجر فى وجهك، ثم تجد نفسك تحدث نفسك بعد أن بدأت فى نسيان بعض مشاهد الحلقة التى كنت تشاهدها، لينتهى بك الأمر وأنت تستشيط غضبًا لنسيانك ما الذى كنت تشاهده بالأساس، فتجد نفسك أمام حقيقة واحدة إما المشاهدة عبر اليوتيوب وترك الشاشة التى اقتنيتها بأكبر حجم استطعت شراءه لتستمتع بالمشاهدة أو ترك الرغبة فى رؤية الأعمال الدرامية عامة بعد ما قد عاصرته من إجبارك على مادة إعلانية لم تختارها داخل المسلسل الذى وقع اختيارك عليه لمشاهدته، رصدت "عين" آراء النقاد المختلفة حول أسباب هروب مشاهدى المسلسلات من التليفزيون، إلى مشاهدتها عبر اليوتيوب.
تقول الدكتورة ماجى الحلوانى عميد كلية الإعلام بالجامعة الكندية: نظرًا لكثرة أعداد المسلسلات المعروضة على القنوات المختلفة، لايستطيع المشاهد متابعة ما يستهويه من مسلسلات من الممكن أن تكون معروضة فى نفس التوقيت، لذا يتوجه الكثير للمشاهدة على اليوتيوب لمشاهدة أكبر قدر من المسلسلات فى التوقيت والمكان المناسبين.
ماجى الحلوانى
وأضافت: على الرغم من الإعلانات التى تعكر على المشاهد صفو استمتاعه بالعمل الدرامى، إلا أن إعلانات هذا العام بها من الخير ما يشفع إجبار المشاهد متابعتها داخل المسلسل، ولكن على الرغم من الرسالة الهادفة لها إلا أن المشاهد أصبح لكثرتها ينسى حتى المسلسل الذى كان يتابعه، لتصبح الأعمال الدرامية للأسف إعلانات بداخلها مسلسلات وليس مسلسلات بداخلها إعلانات، لذا وجب على الهيئة العامة للإعلام تحديد المدة المسموحة لعرض إعلانات خلال الأعمال الدرامية.
أما الناقدة السينمائية ماجدة خيرالله فتقول: السبب الرئيسى فى هروب المشاهد من التليفزيون إلى الحلقات المسجلة والمطروحة على اليوتيوب، هو كم الإعلانات المهولة المعروضة خلال المسلسل الواحد، والتى تخرج المشاهد عن تركيزه، وتجعله ينسى بعض المشاهد واللقطات المهمة، التى تكون مربوطة دراميًا بما سيعرض بعد الفاصل الإعلانى، لتكون النتيجة أن يمل المشاهد ويترك التليفزيون، ويبحث عن تلك الحلقات على اليوتيوب، بعيدًا عن الملل وتضييع الوقت، وبحثًا عن مشاهدة حلقة درامية متماسكة غير مقطعة.
ماجدة خير الله
كما أكدت دكتورة هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام بأكاديمية الشروق، أن السبب الرئيسى فى ارتفاع نسب مشاهدة المسلسلات على اليوتيوب بدلا من التليفزيون أن المسلسلات تعرض على اليوتيوب دون فواصل إعلانية، أما فى المقابل تقل تدريجيا نسب المشاهدة فى التليفزيون، نظرا لزيادة نسبة الإعلانات، وتعدد الفواصل عند عرض كل حلقة، بشكل يثير الملل لدى المشاهد، ويقطع تسلسل حلقات المسلسل وحالة الاندماج والمتابعة التى يكون المتلقى غارقا بها، لذلك فإن معظم دول العالم تخضع بها الفواصل الإعلانية لضوابط، فبعض الدول تسمح بها على ألا تزيد عن فاصلين فقط، وبمدة زمنية محدودة مثل فرنسا، والبعض يخصص فترة إعلانية إما قبل أو بعد انتهاء المسلسل مباشرة مع تضييق المساحة الزمنية للفترة الإعلانية .
هويدا مصطفى
وأضافت قائلة: من أهم الأسباب الأخرى فى أن اليوتيوب أصبح الأعلى مشاهدة، إذ أن المشاهد يتحكم فى توقيت المشاهدة ويمكنه استرجاع المشاهد أو الحلقات او إعادتها واختيار التوقيت الذى يناسبه، كما أن هذه النسب تزيد لدى الشباب الذين يستخدمون بدرجة كبيرة مواقع التواصل واليوتيوب.
وأخيرا يقول الناقد السينمائى طارق الشناوى: يتجه المشاهدون لليوتيوب، لمشاهدة ما يختارونه من مسلسلات بسبب كثرة الإعلانات التى تكون ضد قواعد المشاهدة، فالمشاهدة الصحية هى فى تتابع العمل الفنى، وليس التنازل عن حقوق المتلقى من أجل الأموال التى تدرها الإعلانات، وملء المسلسل بإعلانات تصل بالمشاهد إلى حد نسيان ما كان يشاهده قبل الفاصل الإعلانى، لذلك فالمشاهدون قرروا رد الصاع صاعين للقائمين على القنوات بترك مشاهدة المسلسلات على التليفزيون والاتجاه لمشاهدتها عبر اليوتيوب.
طارق الشناوى