«اليوم السابع» حاورت ابن الفنانة الكبيرة وردة، رياض قصرى، للحديث معه عن بليغ حمدى وحبه لوالدته وزواجه منها، بالتزامن مع مرور 50 عاما على غناء وردة أغنية «العيون السود» التى لا تزال تعيش بيننا، ويتغنى بها كبار المطربين فى مصر والوطن العربى، وسألناه:
فى البداية.. مر على أغنية «العيون السود» 50 عاما وهو رقم كبير ولا تزال الأغنية تحتفظ بمكانتها ونسب الاستماع لها فى تزايد مستمر.. ما هى الذكريات التى تحملها لتلك الأغنية وما انطباعك عنها؟عندما تغنت والدتى وردة «العيون السود»، كان عمرى 6 سنوات فقط، وبالتالى لم أكن وقتها قد كونت صورة عامة عن الأغنية بعد، ولم أكن أقف على تفاصيل الأغنية وتحضيراتها فى ذلك الوقت، ولكننى عرفت من الإعلامى الراحل وجدى الحكيم، أن بليغ حمدى كان يرسل رسائل لوردة عن طريق عمل ألحان لمطربات أخريات، وأن السيدة أم كلثوم قالت لبليغ «أنت بتعلمنى كوبرى يا ولد»، وهذا فى عهد الإعلامى وجدى الحكيم، وحقيقة أغنية «العيون السود» ليست الأقرب لقلبى، ولكنى أعترف بأنها من أحلى الألحان التى قدمها بليغ حمدى لأمى، فهو عبقرى فنيا ولا يوجد ملحن كان لديه نفس ثراء ودسامة موهبة بليغ حمدى، فلا يوجد مثله فى تاريخ الأغنية والطرب العربى، فهو عبقرى بالمعنى الحقيقى للكلمة.بعض الأقاويل تتردد عن أن جدك لوالدتك رفض زيجة وردة وبليغ وأجبرها على الزواج من والدك.. فما هى حقيقة الأمر؟
غير حقيقى أن جدى أجبر والدتى وردة على الزواج من والدى، فزواجهما كان مبنيا على قصة حب من أول نظرة، ويوما ما سأحكى تفاصيل حبهما وزاجهما بالكامل، لكن حقيقة الأمر هو أن الحب جمع بينهما، وأول مرة قابلا بضعهما كانت فى القاهرة، حيث كان والدى فى مهمة رسمية بمقر الحكومة المؤقتة للجزائر فى مصر آنذاك، وعندها تعرف على وردة عن طريق جدى، ولكن جدى لم يجبرها على الزواج من والدى أبدا، فأبى وأمى تزوجا عام 1963، وجدى توفى فى عام 1961 وبالتالى الحديث عن إجبارها أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة.
نسجت قصص حول علاقة وردة بوالدك وعلاقتك به أيضا.. فما مدى صحتها؟طلاق والدى ووالدتى جاء بعد 10 سنوات من الزواج، وكان بينهما حب كبير، ولكنهما وصلا سويا إلى نهاية الطريق، والسبب الحقيقى ليس قسوة والدى كما يشاع، وإنما لأن وردة الفنانة كانت مشتاقة للغناء من جديد ومشتاقة للساحة الفنية ووالدى كان واضحا من قبل الزواج، وطلب منها إما أن تكون وردة المطربة والنجمة المشغولة بحياة الفن، أو تكون زوجة وأما لأولادهما، لأنه كان على يقين بأنه من الصعب أن تكون وردة فنانة وأما فى الوقت نفسه، خاصة أن بيت الزوجية والأولاد فى الجزائر، وحياة الفن بالكامل فى القاهرة عاصمة الفن، ولذلك قام بجعلها تختار إما تتبع فنها وحفلاتها وتسجيلاتها وحواراتها الصحفية وجلسات العمل مع الملحنين والمؤلفين لاستكشاف نصوص جديدة، أو تكون لأولادها، وذلك مع إيمانه بأن وردة لن تستطيع أن تزدهر وتحقق نفس نجاحها وهى فى الجزائر، خاصة أن أى مطرب يريد النجاح، كان عليه أن يذهب إلى القاهرة ويقيم فيها، وهو أمر صعب مع حياة زوجية مستقرة، وهذا هو السبب الرئيسى للطلاق، لأن وردة كان لديها عشق للفن والطرب ولم تستطع مقاومة حلمها، وهو ما جعلها تترك والدى، لأنه رفض العودة مرة أخرى، وهى مسؤولة عن بيت وأسرة، والحديث عن القسوة كلام فارغ، فلم أر بين أمى وأبى إلا كل احترام متبادل ومعزة لم أشهدها مع أحد، وعندما سافرت للاستقرار فى القاهرة بمصر، كان ذلك بسبب حبى واشتياقى لأمى وردة، لأنها كانت تعيش بينكم فى القاهرة، وفى هذا الوقت كنت فى أشد الاحتياج إلى حنان وحب أمى والقرب منها، وعيشى معها كان رغبة فى حنانها وليس هربا من قسوة الأب كما أشيع.بعد انفصال وردة عن والدك وارتباطها بالملحن بليغ حمدى.. كيف كان تعاملك معه؟
عمرى ما كرهت بليغ حمدى أبدا، وعمرى ما اعتبرته زوج أم لأنه لم يكن أب لى، بل كان بالنسبة إلى زوج عاشق لأمى، وكانت قصة حبهما قوية جدا بدليل أنهما تزوجا، وكانت علاقة زواجهما علاقة ثرية على المستوى الفنى، ولا يستطيع أحد إنكار ذلك أبدا، وعمرى ما كرهت بليغ أو تعاملت معه كزوج أم، ولكننى حزنت وغضبت منه، لأنه لم يحتفظ بأمى رغم حبهما لبعض الذى انتهى بالطلاق.
ما هو السبب الحقيقى وراء طلاقهما؟والدتى وردة كشفت عن أن سبب الطلاق هو أنها كانت تجرى عملية جراحية خطيرة، وأنها كانت بين الحياة والموت فى المستشفى، وبدلا من أن يكون بجوارها ومعها فى هذه الظروف الصعبة، فضل أن يكون فى إحدى الدول العربية يعيش حياته كما يحلو له دون الاكتراث بها أو بوضعها الصحى، وهذا السبب هو الذى جعلها تقرر الطلاق، وغير حقيقى أنه بسبب وجود مطربة بعينها فى حياته.وهل هذا ينفى أنك كنت سببا من أسباب طلاقهما؟أنا ليس لى علاقة بزواجهما أو طلاقهما، فالطلاق تم بينهما وعمرى 13 عاما فقط، ولم أغضب من بليغ كشخص، ولكنى غضبت منه، لأنه لم يستطع الحفاظ على حبهما ولم يحتفظ بها رغم قصة الحب الجميلة التى جمعتهما.ما الذى أوصتك به وردة قبل الرحيل ولماذا لا يوجد متحف يضم أعمالها وأبرز مقتنياتها؟
أمى أوصتنى بالسعادة والحفاظ على من أحب، وهى دائما موجودة فى كل لحظة وبفكر بها دوما وابتسم، فهى كانت كتلة حنان وتسامح، وسبق وأن قدمنا معرضا لمقتنياتها فى باريس، وهناك مشروع مبادرة لعمل معرض متنقل بين الدول فى العالم العربى.