سؤال ربما يسأله الكثير من الناس والعباد في كل أرجاء البلاد، " لماذا نقدم الإمام الشافعي في مسلسل ؟، أنا شخصيا فرحت بمجرد علمي بالتحمس من قبل شركة إنتاج مصرية وهي ميديا هب ، تحت مظلة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بإنتاج عمل عن الإمام الشافعي يتناول سيرته ومسيرته فهو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة.
فرحت أكثر باختيار النجم خالد النبوي لتجسيد هذه الشخصية الملهمة، فالنبوي ممثل عالمي ولديه القدرة المبدعة علي تجسيد أي شخصية فقد جسد من قبل شخصية الرئيس السادات ببراعة في عمل مسرحي أمريكي، وجسد أيضا شخصية " طومان باي "بعبقرية في مسلسل من أنجح أعماله، وأشاد بأدائه كل النقاد في كل أرجاء الوطن العربي.
أتوقع أن يكون هذا المسلسل نواة وبداية لتقديمه سلسلة أعمال عن بقية سير العظماء والعلماء والمؤثرين، ولكن يظل السؤال : لماذا "الإمام الشافعي" في مسلسل ؟، والإجابة : لأن الإمام الشافعي هو مؤسس علم أصول الفقه، ومؤلف كتاب “الرسالة” أول كتاب في علم أصول الفقه، وهو إمام في علم التفسير وعلم الحديث، كما أنه عمل قاضيا وعرف بالعدل والذكاء، واستعادة تذكر سيرته من خلال عمل درامي خطوة مهمة لتذكر أئمة العلم وأهل الصلاح والعبادة، ودراسة سيرتهم ومسيرتهم تقرب الخلق إلى الحق وتحفظ أصول الدين.
وإضافة لقيمته العلمية وأهمية ما قدمه من علم، سنجد حياته منهلا دراميا لأي مؤلف، وبها الكثير من القصص والحكايات التي تصنع دراما مؤثرة وشيقة، ومنها مثلا مولده فقد كان بغزة بفلسطين، بينما توفي في مصر، كما يعود نسبه إلى أجداد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنه عاش عيشة اليتامى الفقراء، وحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، وحفظ الموطأ في العاشرة، وأُذن له بالإفتاء ولم يبلغ العشرين من عمره، ثم هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلبًا للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). ثم عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريبًا، وأخذ يُلقى دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، و حدثت بينه وبين المعتزلة مناظرة حول إنكار بعض صفات الله التي ذكرت في القرآن الكريم مع مسألة خلق القرآن، وانتهت بتقديم الإمام الشافعي أدلة قوية ومثبتة من آيات القرآن الكريم والتي تثبت بطلان حججهم ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفى مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم.
ونضيف لذلك أنه كان أديباً وشاعراً فصيحاً وسوف وأتذكر من شعره مقاطع نستخدمها جميعا ويضعها الكثير من رواد السوشيال ميديا علي صفحاتهم للعبرة والعظة ومنها :
نعيب زماننا والعيب فينا … وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب … ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب … ويأكل بعضنا بعضا عيان
ومن أشعاره أيضا :
أعرض عن الجاهل السفيه *** فكل مـا قـال فهـو فيـه
ما ضر بحر الفرات يومـاً *** إن خاض بعض الكلاب فيه
وقال أيضا :
إذا نطق السفيه فلا تجبه … فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه … وإن خليته كـمدا يمـوت
ويقول أيضا في قصيدة اخري :
تموت الأسد في الغابات جوعًا .. ولحم الضأن تأكله الكــلاب
وعبد قد ينام على حريـــر .. وذو نسب مفارشه التــراب
ما استعرضته هو قليل من كثير في حياة ومسيرة الإمام الشافعي ففي رحلته الكثير من المواقف والقصص والحكايات التي تصنع مسلسلا دراميا جيد الصنع ونحن في انتظار مشاهدة هذا العمل بشغف شديد، ونجاحه سيكون خطوة لإنتاج الكثير من الاعمال الدينية والتاريخية التي نتشوق لمشاهدتها وعودتها للمائدة الدرامية الرمضانية .