كنت أترقب بشغف بالغ إنتاج هذا المسلسل منذ أن تم الإعلان عنه العام الماضي، غير أنه تأجل لهذا العام. ولقد أحسنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية باختيارها لإنتاج هذا العمل التاريخي التوعوي الملحمي الكبير، مسلسل "الحشاشين" (أباطيل وأبطال.. من وحي التاريخ). وتدور أحداثه حول جماعة الحشاشين التي كانت يقودها حسن الصباح، والتي اشتهرت بالاغتيالات الدموية.
إن طائفة الحشَّاشين أو الحشَّاشون أو الحشيشية أو الدعوة الجديدة، كما أطلقوا على أنفسهم، هي طائفة شيعية إسماعيلية نزارية باطنية انفصلت عن العبيديين الفاطميين في أواخر القرن الخامس الهجري/الحادي عشر ميلادي لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله. واشتهرت ما بين القرنين الخامس والسابع الهجري الموافق للقرن الحادي والثالث عشر الميلاديين. وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس، وفي الشام بعد أن هاجر إليها بعضهم من إيران.
اتخذت دولة الحشاشين من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في إيران والشام؛ ممَّا أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية والدول والسلطنات الكبرى التابعة لهما كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين، بالإضافة إلى الصليبيين. وفشلت جميع تلك الدول في استئصال شوكتهم طوال عشرات السنين من الحروب. وانخرطت جماعة الحشاشين في الكثیر من أعمال العنف والصراع الدموي. وظهرت خلال الصراع بین السلوجقیین والفاطمیين.
كان قائد ومؤسس جماعة الحشاشین هو حسن الصباح، أو الحسن بن الصباح. واتخذ من قلعة آل موت في فارس مركزًا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته. ووُصف بالشيطان الشيعي اللعين. وكان يدعى لأتباعه أنه يملك مفتاح الجنة.
يشارك في بطولة مسلسل الحشاشين عدد كبير من النجوم أبرزهم النجم كريم عبد العزيز، والذي يجسد دور حسن الصباح، وفتحي عبد الوهاب، وميرنا نور الدين، وأحمد عيد، وسارة الشامي، ونيقولا معوض، وتامر مجدي، وعدد آخر من الفنانين. ومسلسل الحشاشين من تأليف الكاتب الكبير المبدع عبد الرحيم كمال ومن إخراج المخرج الكبير المبدع بيتر ميمي.
إن هذا الإنتاج الضخم يعيد مصر إلى تصدر المشهد الدرامي المصري والعربي والعالمي بإنتاج الأعمال التاريخية الكبيرة وإلى مجدنا القديم وإلى عصرنا الذهبي في الأعمال الملحمية البارزة على مر الزمان، حين كانت مصر تنتج أعمالاً درامية تاريخية عظيمة خالدة.
جميل أن ننتج مسلسلاً مثل مسلسل الحشاشين كي نؤكد على ريادة الدراما المصرية كتابة وتمثيلاً وإخراجًا وفي كل عناصر العمل الفني بامتياز ليس له مثيل، وحتى لا نترك الساحة نهبًا للكثير من المنافسين لنا في الشرق الأوسط الكبير وخارجه.
إن مسلسل الحشاشين عمل تاريخي ودرامي وملحمي كبير ينافس الإنتاجات، ليس المصرية أو العربية، بل الإنتاجات العالمية في هذا السياق، ويعيد لنا الوعي والإفادة من عظمة التاريخ، وينمي الوعي لدى قطاعات عريضة من الجماهير، خصوصًا من الأجيال الشابة التي تعشق لغة الصورة ولغة الميديا ولغة العصر بلغة مصورة تنافس كبرى الأعمال الفنية في العالم كله.
إن هذا المسلسل سوف يزيد الوعي لدى المصريين والعرب والجميع حول العالم بخطورة استخدام الدين من قبل أية طائفة منحرفة ضالة تنفذ الكثير من الاغتيالات السياسية والتصفيات الدموية ضد معارضيها.
لقد أرعبت جماعة الحشَّاشين العالم أجمع. وكانت أشهر فرقة اغتيالات في التاريخ. إننا نرى أن التاريخ يعيد نفسه، وعلينا دومًا أن نتعلم من عبر التاريخ وعظاته، وإلا فلا فائدة من قراءتنا للتاريخ. وما أشبه الليلة بالبارحة. إن هذا هو ما حدث من قبل، ويحدث في كل زمان ومكان إذا تمت إساءة استخدام الدين.
اعتقد أن مسلسل الحشاشين هو مسلسل هذا العام بامتياز. فكل الشكر والتقدير للشركة المتحدة ولكل فريق العمل.