خلال عشرة أعوام فقط استطاع النجم أكرم حسنى أن يقفز من الأدوار المُساعده لبعض نجوم الكوميديا إلى البطولات المُطلقة فى السينما والتليفزيون، حتى أنه أصبح ركناً أساسياً في الدراما الرمضانية، والميزة التي يقدمها أكرم حسنى أن وجوده سوف ينقذنا ولو مؤقتا من ضحالة وسخافة بعض المُهرجين الذين ينتمون زوراً لفن الإضحاك.
والممثل الكوميدي لابد أن يتمتع بالذكاء وحسن الإختيار والقدرة على تطوير نفسه من حين لآخر ليقيم خطواته ويدرس موضع قدمه ، وأعتقد أن أكرم حسنى من هذا النوع الذى لا يتوقف كثيرا عند أعماله التى لم تحقق نجاحاً ويتجاوزها سريعاً.
وهذا العام يقدم أكرم حسني مسلسل "بابا جه" إخراج خالد مرعى وتأليف وائل حمدى مع محمد إسماعيل أمين، وفكرة المسلسل بها قدر كبير من الطزاجة والابتكار، ويصعب أن تتنبأ بما يمكن أن تكون عليه الأحداث أو الشخصيات، فنحن أمام رب اسره فى الأربعينيات من عمره، فقد وظيفته المرموقة من 3 سنوات حيث تم الاستغناء عنه أثناء انتشار جائحة كورونا، ومنذ ذاك الحين أصبح عاطلا عن العمل بينما زوجته "نسرين أمين" تعمل بجد وتصرف على البيت، وعلى طفلتهما الوحيدة التي تشعر بأن والدها اصبح عبئا عليها وعلى والدتها، وأنه لا يقوم بدوره كأب بل يقضى وقته فى ألعاب ترفيهيه ولم يفكر يوما فى البحث عن عمل جديد، مما يدفع زوجته الى إهانته وتذكيره بأنه أصبح بلا فائدة ولا لزوم لوجوده والغريب أن هذه الإهانات لا تزعجه.
ولكن نقطة التحول تحدث عندما تعلن مدرسة إبنته عن حفل تحفز فيه الأطفال على التخلى عن أشياءهم عديمة المنفعة مثل الألعاب أو الكتب القديمة والتى تسبب كركبة فى البيت بلا داعى بحيث أن ممكن لطفل آخر أن يستفيد منها، وفى هذا الحفل يفاجأ الأب "أكرم حسنى" بأن طفلته تعلن أمام الجميع استغناءها عنه لعدم جدوى وجوده فى حياتها، وفى نفس اللحظة يهرع طفل آخر إلى هذا الاب ويتمسك به بقوه وإصرار، وهو ما يحتم أن يذهب معه ويكون له أبا.
ورغم صعوبه الموقف يضطر أكرم حسنى الى الذهاب مع الطفل الى منزله والتعامل معه كأب بديل بعد أن علم أنه فقد أباه، ونظرا لتمسك الطفل به يضطر ان يقضى معه اليوم ويلعب معه ألعابا لم يشاركها مع ابنته، وعندما تحضر أم هذا الطفل وهى مذيعه شهيره "فريال يوسف" وتجد طفلها وقد تعلق بهذا الرجل تضطر لأن تعرض عليه أن يمارس دور الابوه مقابل مبلغ من المال، ويجدها فرصة جيدة لأن يتكسب بعض المال لعله يسترد احترام ابنته وزوجته.
يتوسع أكرم حسني في أداء دور الأب لأبناء آخرين مثل شاب فى المرحلة الثانوية "عمر رزيق" يُطلب منه إحضار ولى أمره، فيتصل بأكرم حسنى لأداء هذا الدور ويكتشف كما نكتشف معه أن الاب ليس فقط ممول ولا مكنة "A.T.M" بل أن وجوده الايجابى ضرورة حتمية وإنسانية لا يستغن عنها الأبناء.
ونحن لازلنا في الحلقات الاولى من مسلسل "بابا جه" الذى يعتبر نقلة نوعية فى أسلوب أداء كل من أكرم حسنى ونسرين أمين، ويلعب "محمد اوتاكا" نفس الدور تقريبا الذى كان يؤديه فى مسلسل "اللعبة" مع هشام ماجد وشيكو، وهو دور التابع الذى يتذاكى فيسبب مشاكل وأزمات بحسن نية.
الكوميديا فى المسلسل تنبع من دقة نسج المواقف، ويتميز بسرعة الإيقاع وعدم اللجوء للاستظراف ولا الافيهات اللفظية. ومن الوجوه التي أتوقع لها النجاح الطالب الفاسد الذى يؤديه "عمر رزيق".
ويعتمد المسلسل على مشاركة عدد كبير من النجوم فى أدوار شرفية، مما يثرى العمل ويحقق القدر الأكبر من المتعة للمشاهد، فالكوميديا فن شديد الصعوبة ويحتاج إلى أفكار جديدة ومبتكرة وإلى ممثل يدرك أن تطوير الأداء هو السبيل الوحيد للبقاء فى حالة نجاح مستمر.