حرصت شركة المتحدة للخدمات الإعلامية على تقديم مجموعة مختلفة من المسلسلات فى رمضان 2024، من أبرزهم مسلسل الحشاشين للفنان كريم عبد العزيز والذى يلعب دور شخصية حسن الصباح، وكان لمشهد عقاب حسن الصباح لابنه بحبسه فى غرفة مظلمة ليلة كاملة بمفرده، وعندما سأل حسن الصباح طفله ماذا تعلمت من حبسك فى الغرفة المظلمة قال "تعلمت أن عمري ما أسامحك"، وهو المشهد الذى أثر فى المشاهدين وانتشر على مواقع التواصل الإجتماعى.
فى هذا الإطار أكدت أمل الشافعى الخبيرة النفسية، أن عقاب الأب لابنه بهذه الطريقة القاسية يعبر عن علاقة أبوية غير سوية ومشهد من الإستعلاء والتكبر وتيبس فكرى يوضح أن هناك عدوان داخلى مر به الأب بشكل ما ويصبه على الإبن بصورة العقاب، معللة ذلك بأن الطبيعى أن يكون الغضب يكون له تدريج ويتناسب مع سن الطفل وموقفه وهذا هو العقاب التربوي الطبيعى ليأخذ شكل حزم مفيد وليس مميت للذات.
وأضافت الخبيرة النفسية فى تصريحها لـ "اليوم السابع"، أن الأب فى المشهد يحاول يحمي مكانته بممارسته السلطة والسيطرة على الطفل وهذا يعتبر سلوك الشخص الضعيف والكسول الذى يريد أن يصل للسلوك الصحيح بشكل سريع ووقتى، لأن الطفل سيمارس السلوك أمام أبيه فقط ليرضيه حتى لا يتعرض للعقاب ففى هذه الحالة هو لم يتعلم سبب العقاب.
وأشارت إلى أن هذا الشكل من العقاب يرسخ عند الطفل بأن الإساءة الواحدة للإنسان تؤدى إلى فقدانه لكل أشكال الأمان وتخرجه فجأة من أنه إبن لأب لتتحول العلاقة إلى أب وعدو، وهو ما يتوظف سلوكيا فيما بعد مع الأب بسلوك عدم التسامح بمعنى أن والده إذا فعل شئ يغضبه لن يسامحه أبدا نظرا لأنه لم يسامحه، بالإضافة إلى توظيفها مع الغير بالعدوان والإساءة ورد الشئ بأشد منهوأحيانا تتوظف سلوكيا فى صورة الإنتحار نظرا لأن الإنسان عندما يرفض التسامح حتى مع نفسه لم يجد وسيلة يهرب بها من نفسه إلا الانتحار.
واستطردت حديثها قائلة إن الأب الذى يمارس هذه الأنواع من العقاب مثلما رأينا فى مسلسل الحشاشين يتحول غضبه نحو أشخاص آخرين لم يغضبوه من الأساس فقد يكون لديه مشكلة سلوكية فى البداية ناحية أب ظلمه أو شخص سلب حقه أو موقف مر به، ومن هنا تتحول شخصيته إلى شخصية المحارب الذى يحارب كل شئ وكل فرد.
واستكملت بأن هذه الشخصية التى تلعب دور المحارب تعتبر شخصية تحمل من الحماقة ما تظن به أنها شخصية وطنية ومميزة وهى الشخصية التى نجدها فى الأب المتسلط الذى يشعر بأنه يقوم بمسئولية كبيرة ورب الأسرة بشكل مبالغ فيه ولكنه فى الحقيقة يحارب طواحين الهواء، فهو ينظر للأمور بمنظور ضيق للغاية ونظرته مبنية على ظنونه السابقة التى ليس لها علاقة بالموقف الحالى وبالتالى لا يرى المشهد الحقيقي وبالتالى ردود الأفعال بعيدة تماما عن الصحة، وهو شخص كل ما يهمه فى الأمر انتصاره لنفسه وليس لغيره فلا يهمه أسرته أو أطفاله فكل ما يهمه هو انتصاره ليعبر عن هيبته وقوته وهو بالتأكيد سلوك مرضي.
أما عن تأثير هذا العقاب على الطفل أوضحت أنه سيعانى من ضعف شديد فى تنظيم مهارات العاطفة أو تنظيم الانفعال فلا يستطيع التحكم فى انفعالاته وغضبه لأنه يرى أبيه كذلك غير قادر على تنظيم مشاعره بما يتناسب مع المواقف، ومع مرور الوقت يبدأ الطفل فقدانه لتطور العقل الطبيعي للمرحلة العمرية التى يمر بها وبالتالى تقل نسبة ذكائه لأنه يفكر دائما فى الأحداث التى مر بها وغير قادر على تركيزه فيما يؤديه سواء دراسة أو عمل، كما تقل تفاعلاته الاجتماعية بشكل كبير لأنه يفقد ثقته بنفسه واحساسه بالذات أو على العكس أن تزيد بشدة لرغبته فى الشعور بالانتماء لجماعة معينة أو يكون مقبول اجتماعيا من أى شخص، كما أن لها تأثير كبير فى اتخاذه لقراراته فدائما ما يتملك الخوف منه فى اتخاذ أى قرار.
كما أن الطفل ممكن أن يصاب بالاكتئاب وافتقاد متع الحياة فلا يستطيع الاستمتاع بأى شئ ودائما ما يشعر بالذنب لأنه بالتأكيد كان سبب فيما حدث معه، وتتملك المشاعر السلبية والخوف منه، أما عن علاقاته المستقبلية فتكون صعبة للغاية ومهزوزة ولا يوجد بها انتماء وممكن يكرر نفس السلوك مع أبنائه باعتباره أن هذا هو السلوك الصحيح.
أما عن علاقة الإبن بأبيه فلن نتحدث عن بر الوالدين فى الوقت الذى تعاقبه بهذا الشكل القاسي فمن يزرع يحصد زرعته فإذا زرعت حب تحصد حب وبر من أولادك.