ماجده خيرالله تكتب: "الحشاشين" دُرة مسلسلات رمضان

ماجده خيرالله ماجده خيرالله
 
حاله من التوجس والتشكيك حاصرت مسلسل "الحشاشين" حتى قبل أن يبدأ عرضه، وتصاعدت لعدة أيام بعد بداية عرضه، وانقسمت مجموعات المشككين إلى فئات بعضهم اعترض على استخدام اللهجة العامية المصرية فى الحوار، رغم أن المؤلف وكاتب السيناريو عبد الرحيم كمال مزج بين اللهجة البيضاء واللهجة المصرية حسب الموقف والقائل، وفى جميع الاحوال كانت اللغة المستعملة بسيطة ومفهومة وراقية.
 
أما الفريق الثانى من المعترضين  ركز جهوده فى البحث عن أية أخطاء تاريخية وقد تم حسم الجدل بأن أحداث التاريخ لم يكتبها شخصا واحدا ،فى زمن بعينه ولذلك فأنت تجد تباين شديد فى وصف وتحليل أي حدث تاريخى وفق نوايا المؤرخ وايدلوجيته ,وانتمائه ودرجة ثقافته وفهمه للمرحلة التاريخية التي يتناولها.
 
وعلى هذا فأي عمل فنى يتناول فترة أو شخصية تاريخية لن تستطع أن تكون رأيا حاسما حولها ولكن يمكن أن تقترب درجة ما من الصدق وأن تختار أقرب تفسير أو تحليل لمقهومك الخاص، ولكن ألاهم من كل هذا فالمبدع  له الحق فى اضافة شخصيات ومواقف للحدث التاريخى المثبت لتأكيد وجهة نظره فى الحدث الذى يتناوله ، فمثلا فى فيلم "ناصر 56" للكاتب محفوظ عبد الرحمن وهو كاتب ناصرى الاتجاه أضاف شخصية المرأة العجوز – جسدت دورها أمينه رزق- التي اصرت أن تقابل عبد الناصر قبل أن يصل لقراره بتأميم قناة السويس ، وأكدت له أنها تحتفظ بجلباب جدها غارقاً فى دمائه حيث كان يعمل بالسخرة فى حفر قناة السويس ومات من شدة العذاب والمهانة والظروف القاسية التى أحيطت بعملية حفر القناة .
 
وطبعا كل من شاهد الفيلم كانت لديه قناعة بأن شخصية هذه السيدة العجوز من ابداع  محفوظ  عبد الرحمن ولكن أحدا لم يقل أن هذا الموقف لم يحدث  مطلقا، وهو شيء طبيعي فى أي من الأعمال الفنية التي تتناول حدثا تاريخيا.
 
أما الفريق الثالث من المتربصين، انصب اعتراضه على إختيار كريم عبد العزيز لأداء شخصية حسن الصباح بكل ماعرف عنه من قسوة ودهاء وسفك للدماء واستخدام الاغتيالات للتخلص من خصومه، بحجة أن كريم اشتهر بأدائه للأدوار المرحة او الشخصيات المثالية، ولكن مع مرور أيام من بداية عرض "الحشاشين" أصبح المسلسل مثل عصى موسى التي تفوقت على الاعمال الفنية المعروضة رغم أهمية وتميز بعضها، وقفز المسلسل ليحتل المكانة الاولى فى مصر والعالم العربي، بين مسلسلات رمضان.
 
وفى كل حلقة يستمتع المشاهد بأكثر من ماستر سين بين ابطال العمل الذين برعوا فى أداء شخصياتهم، لنجد فتحى عبد الوهاب وأداء عبقري لشخصية نظام المُلك، وأحمد عيد يكتب تاريخاً جديداً مميزا فى مسيرته الفنية مع شخصية زيد بن سيحون ، ونضال الشافعي في شخصية الإمام الغزالي، بالإضافة لعشرات الشخصيات الأخرى التى يزخر بها العمل سواء تلك التى لها أصل  فى التاريخ أو تلك التى ابدعها خيال المؤلف عبد الرحيم كمال.
 
 وتفردت الحلقه ال11 بعرض معركة حربية بين رجال حسن الصباح وجيش السلطان ملك شاه استغرقت حوالى 3 ارباع الحلقة وظهر فيها براعة تصميم المعارك بمستوى لم يحدث مسبقا فى أى مصنف فنى مصرى "فيلم او مسلسل" وانتهت المعركة بهزيمة جيش الملك بعد تفانيهم في القتال، ثم قدم المخرج بيتر ميمي وصلات متفرقة للقتال بين شخصين أو معارك ضخمة، يظهر فيها التدريب الجيد للممثلين على مهارة القتال بالسيف والدروع ومطاردات الخيول.
 
المؤلف عبد الرحيم كمال له نجاحات فنية سابقة ولكنه بعد "الحشاشين" أصبح اسمه علامة للجودة والتميز، كما أصبح المخرج بترميمي أشهر من يقدم اعمال فنية تعتمد على الحركه و"الميزانيسين" المعقد الذى يضم عددا من الممثلين فى كادر واحد، مسلسل الحشاشين هو درة اعمال رمضان 2024 بلا شك.

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر