هذا الفيلم بمثابة وثيقة تاريخية عن حرب أكتوبر واستخدمت لقطاته في عدة أفلام وأغنيات عن الحرب.. هكذا تحدث الممثل الراحل محمود ياسين عن فيلمه "الرصاصة لا تزال في جيبي" الصادر يوم 4 أكتوبر عام 1974 والذي نحتفل بمرور 50 عاما على طرحه.
يبدو الرمز جلياً، في فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" لا يحتاج إلى كثير من التفسير، قالعمل المأخوذ عن رواية لإحسان عبد القدوس بالإسم ذاته والصادرة عام 1974، يؤكد أن المصري دائما متيقظ للعدو مهما ساءت الظروف أو تمادى العدو في طغيانه، فالانتصار للمصري والعربي حتمي لا محالة، ووسط أحلك الظروف يظهر معدن الشعب المصري الصامد دائما في وجه العدو.
كواليس فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي
50 سنة على فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي
في يوبيل الفيلم الذهبي، يتوتر الوضع في فلسطين وسط اعتداء واضح من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي امتدت صواريخه إلى لبنان، وبات الجميع يتساءل ما نهاية ذلك؟ وإلى ماذا سيؤدي؟ لكن رسالة الفيلم الصادر منذ 50 عاما تجيب على هذه التساؤلات.
الفيلم الذي اعتمد على الكثير من المشاهد الحربية الحقيقية والتي تم تصويرها في أماكن واقعية بالسويس وبورسعيد والإسماعيلية، حرص منتجه رمسيس نجيب على أن يخرج في أفضل صورة ممكنه مع المخرج حسام الدين مصطفى وتكلف انتاجه نحو نصف مليون جنيه وهو مبلغ كبير وقتها، كما أن تصويره استغرق 180 يومًا، واشترك في تصويره أيضا 250 ألف ضابط وجندي.
إعادة قراءة الفيلم في الوقت الحالي مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، مهمة للغاية مع مشاهده المؤثرة التي توضح عظمة الحدث وعبور خط بارليف، الذي كان يزعم الاحتلال الإسرائيلي أنه سد منيع، لكنه لم يكن كذلك أمام الجيش المصري الذي عبرت جنوده قناة السويس واسترد الأرض المحتلة.
فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي
أبطال الرصاصة لا تزال في جيبي
نجوم الفيلم المشاركين في بطولته إلى جانب محمود ياسين، لديهم اعتزاز جديد بهذه التجربة الفنية السينمائية المميزة في تاريخ السينما المصرية وفي دراما الحرب بشكل عام، ومنهم النجم حسين فهمي الذي قال في أكثر من حوار تلفزيوني إنه لحظة وقوفه على خط بارليف الحقيقي أثناء تصوير الفيلم شعر بتأثر شديد، حتى كاد أن يبكي، واصفا هذه المشاعر بأنه صادقة وحقيقية، لما تمثله لحظة العبور الحقيقة من نقطة تحول للأخذ بالثأر والرد على العدوان الإسرائيلي.
شعرت بأنني أخذ بالثأر، وأنني جندي بالفعل في المعركة، لقد صورنا في أماكن حقيقية، وسيبقى الفيلم علامة بارزة في مشوار الفني، هكذا تحدث حسين فهمي عن "الرصاصة لا تزال في جيبي"، وأيضا الممثلة والإعلامية نجوى إبراهيم التي أشادت بالدقة الشديدة التي تم بها تنفيذ العمل، بدءا من أصغر عامل في موقع التصوير مرورا بالممثلين ثم المنتج ومساعدين الإخراج والمخرج، الأمر الذي جعلها تكتسب المزيد من الخبرات.
يبقى "الرصاصة لا تزال في جبيي" شريطا سينمائيا ملهما ومحفزا مهما مرت السنوات عليه، وأحد أبرز روايات إحسان عبد القدوس التي تم تحويلها إلى أفلام سينمائية، ذلك الكاتب الذي أحدث نقلة نوعية في الرواية العربية، امتد تأثيرها إلى السينما بفضل العديد من الروايات التي عرفت طريقها إلى شاشات العرض السينمائي ومنها "الراقصة والطبال"، "لا تسألني من أنا"، "حتى لا يطير الدخان" "أنا حرة"، "الراقصة والسياسي"، "الخيط الرفيع" و"امبراطورية ميم".
من خلال قصة جندي مصري يدعى "محمد" يشارك في حرب أكتوبر بعد نكسة 67، ويدافع أيضا عن فتاته التي يحبها "فاطمة"، يترجم الفيلم وينقل واقعا ملموسا عن الصراع العربي الإسرائيلي يمنحنا نظرة إلى المستقبل والانتصار الحتمي في هذه المعركة المستمرة منذ عقود، مقدم بصورة شديدة الصدق بسالة الجندي المصري، في مقابل نظرة الخوف والهروب من المواجهة لجيش الاحتلال وجنوده وزيف الألة الإعلامية التي تقوده من الخلف بأكاذيب مثل التي تم الترويج لها حول خط بارليف المنيع، الذي سقط تحت أقدام الرجال.