المخرج الكبير الراحل محمد راضي كان دائما يمتلك حلما سينمائيا يسعي لتحقيقه كل فترة وحقق الكثير من أحلامه، ولكن حلمه الأخير لم يمهله القدر في تحقيقه، وأتذكر في آخر لقاء جمعني به حكي لي بحماس كبير عن فيلمين يجهز لهما حينما سالته عن أسباب توقفه عن تقديم وإنتاج وإخراج أفلاما حربية فقال لي : لدي فيلمين : الأول بعنوان ( المحارب الأخير ) عن مفاوضات عودة طابا وما بذلته القيادة والأجهزة الأمنية في رجوعها، وكتب السيناريو لهذا الفيلم إيهاب راضي، آخر بعنوان "أيام المجد" للروائي الكبير مجيد طوبيا، وهذين السيناريوهين وغيرهما جاهزين للتنفيذ فمن يحقق للمخرج الراحل محمد راضي حلمه ويخرج هذين الفيلمين من أدراج المكاتب ليريا النور.
محمد راضي هو المخرج الوحيد الذى قدم للسينما المصرية ما يقرب من 25 فيلما سينمائيا وهو المؤرخ السينمائي الوحيد لحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر بما قدمه من أفلام تسجيلية حربية مثل «أكتوبر ملحمة الخالدين» و«أيام الأبطال» و«كان الفجر» و«طيور الحرية» واعتبر فيلمه «أبناء الصمت» والذى اختير ضمن أحسن 100 فيلم فى السينما المصرية من أهم الأعمال كما تُدرس عدد من أفلامه لطلبة المعهد العالى للسينما وبشهادة الناقد سمير فريد الذى قال عن فيلم «أبناء الصمت» إنه لا يتاجر بعواطف الناس ولا يتملق السلطات ولا يرفع شعار هوليوود المزيف مزيدا من القنابل مزيدا من الدولارات".
المخرج الكبير الراحل محمد راضي كان عاشقا لتراب هذا الوطن وفي أعماله كانت رؤيته السينمائية دائما تؤكد هذا الوله والعشق لمصر وجيشها، وفي فيلمه الذي قدمه وتعاون فيه مع الفنانة ماجدة " العمر لحظة " للكاتب الكبير يوسف السباعي جاء بالتزامن مع توقيع القائد والزعيم الرئيس محمد أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد للسلام وجاء كنتيجة للتضحيات الهائلة التي قدمها الشعب المصري بكل طبقاته والمقاتلون المصريون بشكل خاص ولعل أكثر المشاهد إثارة للعواطف في فيلم (العمر لحظة) هو مشهد استشهاد الأطفال فى مدرسة بحر البقر فقد زلزل المشهد أعصاب المتفرجين وأيضًا مشاهد المعارك والعبور.
لقاء مع المخرج الراحل محمد راضى
اليوم هو ذكري رحيل هذا المخرج فقد رحل عن دنيانا يوم 11 أكتوبر، وميلاده يوم 14 أكتوبر، وهو بالمناسبة أكثر المخرجين تقديما لأفلام عن حرب أكتوبر وهي مفارقة في مسيرته، ولمزيد من المعلومات عنه، فهو من مواليد محافظة الغربية ، وتخرج في كلية الحقوق عام 1962 ثم حصل على بكالوريوس المعهد العالي للسينما عام 1964، وعمل مخرجا في التلفزيون العربي (التلفزيون المصري حاليا) فور تخرجه حيث أخرج عدد من الأفلام التسجيلية ثم عمل في الإخراج السينمائي بادئا بفلميه الروائيين القصيرين " المقيدون للخلف" و" الفراشة " وهما حازا على إعجاب النقاد ليبدأ مشواره السينمائي ويصبح من أبرز صناع هذا الفن طوال 50 عاما هم عمر مشواره الفني حيث أنتج وأخرج عدد من الأفلام تعد من أهم أفلام السينما المصرية.