• المسلسل يتعمق في لغة النشالين ويكشف تفاصيل حياة أشهر نشال في بر مصر "عبد العزيز النص" الذي تحول لبطل يقاوم الإنجليز
• المذكرات تكشف عن مدارس تعليم النشل للنشء في الأحياء الشعبية
• كان الهدف من نشر المذكرات وقتها الحذر من النشالين ومعرفة خدعهم وهدف فكاهي ساخر كنوع من الأدب الساخر آنذاك
قرأت منذ أكثر من 20 سنة كتاب صغير أهداه لي الباحث والأرشفجي عصام فوزي المتخصص في علم الاجتماع بعنوان " مذكرات نشال " ومعه سلسلة من الكتب الصغيرة الحجم بعناوين أخري مثل : مذكرات عربجي ومذكرات عاهرة ومذكرات فتوة، ووقتها أعجبت جدا بتلك المذكرات وطريقة الحكي والسرد بها ليوميات أصحابها وقصصهم وأيضا أعجبني لغة هذه المذكرات البسيطة التي يرويها أصحاب تلك المهن إن جاز لنا أن نعتبرها مهن ، ووقتها فكرت وسألت نفسي ( لماذا لا يتم تحويل مثل هذه المذكرات لعمل درامي كوميدي سواء مسرحية أو مسلسل أو فيلم ؟ ويبدو أن سؤالي منذ أكثر من 20 عاما تحقق هذا العام 2025 لتتحول مذكرات نشال لمسلسل كوميدي يقدمه الفنان أحمد أمين، وهو بالمناسبة افضل اختيار لتقديم مثل هذه النوعية من الأعمال.
الباحث والكاتب أيمن عثمان أعاد نشر تلك المذكرات بشكل جذاب وشيق ، ومؤكد أنها لفتت نظر الفنان أحمد أمين وصناع مسلسله فقرروا تحويلها لعمل درامي كوميدي وهي تستحق، فحياة الطوائف الشعبية، وأدب المذكرات في عشرينيات القرن الماضي مادة درامية ثرية، والدخول في خبايا عوالمهم وإعادة صياغتها بشكل أدبي أو في قالب درامي أمر محموم لأنه يوثق لتاريخ تلك الفترة من عمر مصر، وهي فترة العشرينيات بكل ملامحها.
ويقول الباحث أيمن عثمان : برغم أن هذه النوعية من الطوائف التي استهدفتها المذكرات عاشت على هامش المجتمع، وأغلبها منحرف كالنشالين والبغايا، والمحتالين؛ إلا أنها طوائف احتكت وتأثرت وأثرت في حركة المجتمع الذي كان هشا في ذلك الوقت بسبب انتشار الفقر والغلاء والكساد والأوبئة وهموم المعيشة كنتائج الحرب العالمية الأولى، وما انتشار هذه الطوائف إلا حلقة واحدة تشابكت مع حلقات أخرى كنزوح بعض طوائف الغجر للقاهرة، وظهور وانتشار فن العوالم ورواج المخدرات والخمور، وظاهرة تعدد قتل السيدات في طنطا والإسكندرية مترجمة لنا مشهدًا اجتماعيا تنمو فيه كائنات طفيلية، ويكتمل فيه المشهد الفوضوي بوفاة سعد.
في المذكرات واعتقد أيضا في المسلسل سنرى ملمحا للمجتمع العشريني؛ ورائحة الأحياء الشعبية منذ مائة عام، والمذكرات كما جاء على غلافها - قصة انتقادية فكاهية تعطيك صورة من أخلاق وعادات النشالين وحيلهم وأساليبهم في النشل، يقصها بطلها المعلم عبد العزيز النص النشال المشهور على صاحب جريدة " لسان الشعب"، وهو الذي قام بنشرها.
في مسلسل " النُص " سوف يأخذنا كما المذكرات لعوالم وأماكن كثيرة وقديمة لأحياء القاهرة القديمة خلال رحلة عبد العزيز النص ما بين " الدحديرة" و" مدبح الإنجليز" و " السلسلة" ، وأماكن تبدل حالها الآن، كما سنعرف من خلاله حيل النشالين وسلوكهم داخل مجتمعهم الخاص، إلى جانب البحث وراء العديد من المفردات والمصطلحات العامية المصرية التي اندثر أغلبها وبَطُلَ استخدامها لتكون تلك المذكرات وثيقة مكتوبة ويكون المسلسل وثيقة مرئية لزمن العشرينيات الذي مر عليه ما يقرب من 100 عام، والمذكرات تحتوي علي حوادث شيقة ومواقف مضحكة، تعطينا صورة واضحة من أخلاق وعادات واصطلاحات وحيل وأحابيل وشراك أولئك النشالين الذين انتشروا في البلاد يعيثون فيها فسادًا، فيسلبون الناس أموالا ربما كانوا في أشد الحاجة إليها، وتلك القصة فضلا عن حوادثها الشيقة واللذيذة ومواقفها الغريبة التي تبعث في قلب مطالعها روح السرور فتغريه على الضحك والسرور؛ فإن فيها فائدة كبرى لا يستهان بها، وهي الكشف عن أحابيل تلك الفئة الضالة؛ لدرجة تجعل القارئ في حرز منيع من الوقوع تحت طائل تلك الأنامل الخفاف.
• عبد العزيز النص.. نشال حقيقي أم من خيال حسني يوسف
المذكرات والمسلسل تبدأ من راوي الأحداث المعلم عبد العزيز النص، فهو شخص مجهول حتى للناشر حسني يوسف، وعلى الرغم من وصفه له بالنشال المشهور على غلاف المذكرات إلا أنه لم يتعرف عليه في لقائهما الأول حيث ذكر في مقدمته للمذكرات: لم أشك حينما رأيت ذلك الرجل في أنه وجيه من الوجهاء، وعين من الأعيان لما رأيته من شياكته و حسن هندامه، وقفت ومددت يدي وصافحته ثم دعوته للجلوس، فجلس وهو يبتسم ثم قال: أظن حضرتك حسني افندي يوسف.
- أنا.. أي نعم يا بيه.
عال أوي.. تعرف أنا جاي لك علشان إيه ؟
- لا والله.
مش حضرتك اللي طبعت مذكرات فتوة للمعلم يوسف أبو حجاج ؟
- أيوة يا سعادة البيه.
بقى أنا محسوبك واسمي عبد العزيز النص.
ويقول محقق المذكرات أيمن عثمان : يحيلنا الإهداء الذي وقعه حسني يوسف بخط يده للأديب توفيق الحكيم على غلاف النسخة الواقعة بين يدينا إلى التوقف أمام كلمة " قصتي"؛ حيث جاء على النحو التالي : «إلى أمير البنان الكاتب العبقري القصصي المبدع الأستاذ توفيق بك الحكيم، أتشرف بأن أهدي قصتي ، والتوقيع : حسني يوسف 19 نوفمبر 1938 .
وهذا يضعنا أمام احتمال جديد، وهو أن يكون حسني يوسف قد صاغ «مذكرات نشال من وحي خياله بعد الاستعانة بالأرشيف الصحفي المتاح في ذلك التوقيت عن " النشالين" في مصر، وهو ما ستلحق جانبًا منه في آخر الكتاب ليتاح للقارئ أن يتصفح ما كان حسني يوسف على الأغلب يقرؤه قبل 100عام من الآن وما بعدها، مع الاستعانة ببعض الفتوات والنشالين السابقين؛ للاطلاع على عوالمهم الخفية وصياغتها في قالب درامي، وقد وصف الشاعر والمؤرخ خير الدين الزركلي صاحب صحيفة «لسان العرب» الكاتب حسني يوسف، بأنه رائد مدرسة جديدة في الأدب باعتبار المذكرات سواء «الفتوة» أو «النشال» أداة لتصوير الواقع تصويرا حقيقيا، واستكمالا لما قاله الزركلي يكفي أن نشير إلى "مذكرات متشرد" التي أعلن عن نشرها حسني يوسف ليستكمل بها ثلاثيته؛ ولكنها لم تنشر لأسباب نجهلها، وبديلا عنها استكمل ثلاثية "مذكرات فتوة"، لنعرف أن حسني يوسف تخصص في صياغة هذا النوع من الأدب العامي للتأريخ للواقع المصري، وإن سلمنا أن هذه النوعية كان الهدف منها الاستهلاك التجاري فيحسب لهذه التجربة بخلاف تدوينها لسلوكيات الجماعات المهمشة - أنها نقلت لنا بقدر كبير كثيرا من مفردات ومصطلحات سقطت أثناء تعاقب الأجيال.
* رحلة عبد العزيز النص والطريقة الأمريكاني في النشل
بدأت رحلة عبد العزيز النص تلميذا لنشال يُدعى محمود دقدق تعلم منه أصول النشل ودربه حتى تفوق التلميذ على أستاذه قائلا : قدرت على كيفي أمشي هنا وأسهر هنا لحد ما ربنا وقعني في إيد واد نشال اسمه محمود دقدق صاحبني وصاحبته ومشيت معاه.. علمني كاره ودرجني لحد ما بقيت أقوى منه.
النشل من المهن المنحرفة - التي لابد أن تُعلم في الصغر، فالصغار أشد أنواع النشالين خطرًا لأنهم خفاف الحركة، قادرون على الاندماج في الزحام وتسلق الترام، ويندر أن يفشل الواحد منهم في تنظيف شخص وقع عليه الاختيار؛ ولهذا انتشرت مدارس لتعليم النشل للنشء في الأحياء الشعبية فيها ويكون فيها الأستاذ أو المعلم والمدرب نشال سابق اعتزل المهنة بعد أن ارتعشت يداه لكبر سنه أو تأثير إدمان الخمور وهذا كان شائعًا بين أفراد طائفة عاشت على محافظ الرجال " الكروديات" ، وعلى مصوغات وحقائب الهوانم " الدينارة " ، وفيها أيضًا "التلاميذ"وهم أطفال مشردون التقطهم "الأستاذ"، وأواهم وأطعمهم وعلمهم أصول المهنة، و" المناهج التعليمية " شق جيوب الأفندية وحقائب السيدات ونشل أقلام الباركر والساعات والمصوغات وغيرها.
مراحل التعليم داخل مدارس النشل كثيرة ولكنها تبدأ بتعليم سرقة الغسيل من الأسطح والشرفات والتدريب على خفة اليد بالتقاط قطعة صغيرة من الورق عائمة دون أن تبتل الأصابع، والتدريب على قطع الجيوب بأمواس حلاقة بوضع ورق على سطح ماء وقطعه بالموس دون أن تتحرك وأخيرًا التدريب العملي في الترام والمستشفيات العامة وأمام شباك تذاكر دار السينما.. وفي تلك المدارس يتعلم النشء اللغة السرية، وطرق النشالين وخاصة الطريقة الأمريكانية، وهي واحدة من أشهر طرق النشل وأكثرها ذكاء وحيلة ومراوغة يتبادل فيها النشال والضحية الأدوار ويشارك الضحية فيها كما لو كان نشالاً محترفًا، أما النشال فيظهر مغلوبا على أمره، لتحدث المفاجأة غير المتوقعة في النهاية، ويكتشف الضحية أنه لعب دور النشال الخايب.
ألقى عبد العزيز النص محفظته أمام صراف يهودي، والتقطها الصراف في غفلة من المارة في الشارع كما تلتقط الفريسة الطعم، وأباح لنفسه المحفظة بما فيها حبا في الكسب السريع؛ فظهر شريك النص فجأة وفرض نفسه على الصراف وطالب بنصيبة من الغنيمة. ولأن الصراف تحركت مطامعه وافق على الفور، وفي لحظة توزيع الغنيمة ظهر النص واتهمهما بالسرقة وجردهما من محفظتيهما للبحث عن نقوده المفقودة، وبخفة يده سلب نقود محفظة الصراف واستبدلها بورق، وأعادها له وخرج باكيا.. إنها طريقة تعتمد على قراءة شخصية الضحية، وتحليل سلوكه، ومغازلة أسوأ ما فيه، وهذا ما كان يميز نشالاً على آخر.
• النُص يعود للنشل بعد التوبة بفتوي من شيخ أزهري
يروي عبد العزيز النص في مذكراته قصة عودته للنشل مرة أخري قائلا : فضلت أشتغل في الترمواي تمن سنين لحد ما قرفت من عيشتي كل يوم قطع ماهية ويوم والتاني ووقف أربع تيام.. مرة أنسى واحد من غير تذكرة ومرة أزمر وواحد من الركاب نازل يروح متعور.. يشهدوا علي ثلاثة أربعة.. نهايته.. بقيت عيشتي قرف ووجع قلب خالص.. جينا في يوم عملنا إضراب ، رحت طالع وخطبت خطبة بنت كلب لعنت فيها مدير الشركة والشركة واللي عملها راح ابن حلال قدم الخطبة من أولها لآخرها للمدير، وعنها وراح رافتني ، وبعد تلات ايام مفيش غيرهم سلمت البدلة والزمارة والعهدة، وقالوا لي بعد خمستاشر يوم تبقى تيجي تاخد مكافأتك، وبعد الخمستاشر يوم رحت استلمت التأمين بتاعي وعليه عشرين جنيه مكافأة فرحت بيهم فرحة الدنيا، وتني ماشي ع البيت فضلت مكوع ، كل يوم من البيت للقهوة لحد ما برموا القرشين، وأصبحت زي اليهودي في يوم السبت.
يستكمل النص : عقلي قال لي وإيش بعدها يا عبد العزيز؟ مش الأحسن إنك ترجع لكارك وبالحقيقة هو اللي أولى بيك، ولكن إيه العمل في اليمين اللي حلفته بالطلاق من مراتي إني ما أرجعشي للنشل.. أعمل إيه؟ أسوي إيه؟ احترت في أمري وضاقت بيه الحالة.. أروح فين؟.. آجي منين؟ أمشي كده الاقي النشالين عمالة تشتغل جد منه فيه والفلوس عمالين بيلعبوا بيها لعب فلوس جاية لهم من غير تعب، فرحت الجامع الأزهر وقابلت راجل فقي كبير بدقن كبيرة، ورحت موطي على إيده وبايسها، راح ساحبها منى بعد ما بستها كويس خالص وقال:
- أستغفر الله العظيم استغفر الله العظيم... –
إزيك يا ابني.
- الله يسلمك يا سيدنا الشيخ انا والله جاي لك في مسألة مهمة قوي.
اتنحنح الشيخ وملس على دقنه، وقال:
- خير إن شاء الله يا ابني.
مش يتفضل سيدنا الشيخ معايا نقعد في القهوة اللي بره عند الحسين شوية وأقول له المسألة.
بص لي الشيخ باستغراب وقال:
- أستغفر الله العظيم يا ابني انا ما أقدرشي أقعد على قهاوي أبدا؛ دي القهاوي بيوت الشياطين.
- أمال نقعد فين علشان نتكلم بحرية !!
- إنت مالكش بيت؟
- لي.. اتفضل بينا.
وسحبته من إيده لحد ما وصلنا للبيت
قعدنا وجت القهوة شربها واتعدل في قعدته، واتنحنح وكح كام مرة وقال:
- إيه مسألتك يا ابني؟
- المسألة يا سيدنا الشيخ إني حلفت يمين بالطلاق من بيتي إني ما أعملشي حاجة و دلوقت ضروري خالص عاوز أعملها.
- تقدر تقول لي إيه هي؟
اتلخبطت.. أقول له إيه؟ إني عاوز أرجع للنشل؛ ما يصحش نهايته قلت له:
إني حلفت إني ما اشتغل مع عمي و دلوقت ضروري لازم أشتغل معاه.
هز الشيخ رأسه وملس على دقنه الطويلة وبلع ريقه وقال:
- دي مسألة جعيصة قوي خالص عاوزة تعب كبير، ولازم أفتش لك في كل كتب الفقه وأشوف لك ابن عابدين قال إيه، وملا مسكين أفتى بايهوالإمام ابن جمروالرملي أشاروا بإيه، واطلع ع المدونة الكبرى بتاعة الإمام مالك ، والتدوير ده يحتاج لتعب كبير، وعطلة طويلة تخليني ما أقدرشي أدور على معاشي كام يوم... رايح تديني كام على كده؟
وريته إني مستغرب خالص من طلبه أجرة على فتوته وقلت له:
- إزاي بتطلب أجرة يا سيدنا الشيخ !! هو أنت ما تعرفش إن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام قال اللي ينسأل عن حاجة في الدين ويعرفها ولا يقولشي عليها المسلم يلجمه ربنا يوم القيامة بلجام من نار حمرا ... أما غريبة قوي يا سيدنا الشيخ هو أنا حا أقعد أعلمك بقى.
فضحك ضحكة غصبن عنه وقال:
أقل شيء من الفلوس فيه البركة منك.
فمديت إيدي بربع ريال وغمزته بيه فظهر الانبساط على وشه واتبسم وقال:
- والله أنت يا ابني باين عليك ابن حلال دلوقتي أهو افتكرت لك فتوى عال وبسيطة خالص.. اليمين بتاعك تقدر تفديها بأنك تأكل 20 واحد مسكين بس وتنتهي المسألة على كده.
- صحيح؟
- أيوة يا ابني.
- طيب وأجيب المساكين العشرين منين؟
- أناأجيبهم لك.
- امتی؟
- النهاردة تيجي عند الأزهر تلقاني لاممهم لك
دخلت مراتي واستلفت منها جنيه ونص كانت موفراهم لوقت الزنقة ، وتني خارج مع سيدنا الفقي لحد ما وصلته
و رجعت اشتريت خمستاشر رطل لحمة ضاني وشوية سمن وخضار، على عشرين رغيف جراية كبير ، ووديتهم ع البيت ومراتي ندهت لاتنين نسوان من جيرانها وهات إيدك مسافة ساعتين كان الأكل جاهز.
خرجت أنا ع الأزهر لقيت الأستاذ لامم لي عشرين شحات من تحت السلاح وأردام العواجز والحسين والإمام والمتولي.. اللي أعرج واللي اعمى واللي أعور.
نهايته.. وصلنا البيت وفرشت لهم حصيرة في الحوش وحطيت قدامهم الأكل والشرب، وطلعت أنا والشيخ أكلنا إحنا رخرين لما انبسطنا، وبعد ما انتهوا الشحاتين م الأكل إديت كل واحد منهم قرش صاغ وهو خارج، وإديت للشيخ واحده حتة بخمسة ثانية، تنه خارج هو وجيشه، وكلهم عمالين يدعوا لي بالخير
الجماعة الشحاتين خرجوا من هنا، وأنا اتلايمت على جلابيتي الجوخ الجديدة والطربوش والبالطو والجزمة، وروحت لابسهم وفي مسافة ربع ساعة كنت واقف قدام شباك التياترو بتاع علي الكسار عمال أفتش لي على علشان صيدة تكون مكن احين جيوبي الفقرانة اللي مافيهاش ولا قرش يوحد الله.
فضلت ملطوع جنب الشباك يجي نص ساعة وكسور، إني ألتقي اللي عليه العين تبكي أبدًا.. قال لي عقلي سيبك يا وادم الركنة دي وعلى رأي المثل الرزق يحب اللحلحة» إمشي لك شوية مشيت لحد ما وصلت سينما الأمريكاني . أنا بقيت قدامه ولمحت حتة أفندي من اللي باين عليهم إنهم بيحوشوا، والصنف ده إحنا نعرفه في الحال ولا يخفاش علينا؛ لأن ده كارنا.
يمكن الواحد منا يقابل واد أفندي شيك أبهة لابس بدلة ديفز براين ولا ديليا ، ومنديله توت عنخ آمون طالل من جيب جاكتته القدماني وجزمته ملمعة نشوف فيها وشه الجميل المحنتف بالفتلة، وطربوشه الأحمر اللي رايح ياكل حتة من وشه.. يقوم الواحد الغشيم إذا شاف بتاع زي ده يفتكر إن القبة فيها شيخ.. يروح قاطره وبعد ما يطلع عينيه في مشي وأرف يضرب عليه يلتقيه أنضف من الصيني بعد غسيله، ويمكن واد كحيان غلبان زي اللي قطعت أنا عليه يمكن يكون هو اللي فيه الخير والبركة.
نهايته.. مشيت و را صاحبنا شوية مليحة لحد ما وصلنا موقف الترمواي بتاع المترو راح واقف في وسط الزحمة رحت جي

مسلسل النص
.jpeg)
مذكرات نشال (2)
.jpeg)
مذكرات نشال (1)
لابد وراه ، وفي حركة بسيطة قلبته ونشلت منه المحفظة وقلت يا فكيك ، ولمحت الترمواي ماشي من جنبي روحت متشعلق فيه لحد ما وصلني عند محطة باب الحديد .. رحت نازل منه ومخرم ع الجنينة اللي فيها تمثال خيبة مصر بتاع مختار يمين وشمال ما التقيتش صريخ ابن يومين ..رحت مطلع الأمانة من جيبي وقعدت على كرسي خشب مدغدغ كان محطوط هناك، وكان القمر في السما مزهزه قوي، ونوره اللي زي الفضة فارش ع الدنيا ومنورها من أولها لآخرها، وفتحت المحفظة وقلبي عمال يطكطك ، وأنا مقدر إني رايح التقي فيها بالميت عشرة إتناشر جنيه اتاري نقبي جه على شونة فاضية : لأني لقيت فيها بعيد عنكم وربنا لم يوريكم خيبة زي خبتى ثلاثة صاغ، فعرفت إن بختي مقندل بنيلة زرقا، وقلت في نفسي صدق اللي قال قليل الحظ يلتقى العضم في الكرشة .