طوال 15 حلقة استطاع مسلسل ولاد الشمس أن يجذب الأنظار ويدخل البيوت والقلوب، ويكون أحد أفضل مسلسلات هذا الموسم، بل وأحد أفضل وأهم الأعمال الفنية التى تناولت فكرة الحياة فى دار الأيتام، بما يتميز به من تناغم العناصر الفنية وتكاملها لتقدم صورة صادقة وقريبة وعميقة لحياة الأطفال والمراهقين فى دور الأيتام، هذا العالم بكل تفاصيله وما يحويه من مشاعر وعلاقات وأحداث وقسوة واحتياج ومحاولات للبحث عن الحنان والاحتواء.
تتسارع دقات قلبك وأنت تتابع الأحداث التي تلمس مشاعرك بصدق وهى تضع أمامك صورة صورة واقعية مقربة لهذه الفئة المهمشة ولمشاعر هؤلاء الأيتام وما يمرون به خلال حياتهم من صدمات واستغلال ولهاث دائم وراء أي أمل في الحصول ولو على جرعات قليلة من الدفء و الحب والاحتواء.
كل تفاصيل المسلسل مصنوعة بإتقان وإبداع وتناغم، استطاع المخرج المبدع شادى عبد السلام أن يوظف كل أدوات العمل ليهدينا هذه التحفة الفنية بكل عناصرها وتفاصيلها وصدقها وروعتها، الحوار والتمثيل والإضاءة والديكور والموسيقى والأغانى وتتابع المشاهد والأحداث، وتوظيف النجوم وانفعالاتهم وأدائهم.
قصة وسيناريو وحوار المسلسل صنعت بعناية وصدق وجهد كبير بذله المؤلف مهاب طارق ليرسم ملامح الشخصيات ويخلق منها كل هذا الصدق والواقعية والمعايشة الحقيقية لواقع الأيتام ومشاعرهم وما يعانونه ويمرون به، فيصف تلك المشاعر بصدق كبير وبكل تفاصيلها وندباتها دون انزلاق للمغالاة والصراخ والبكائيات، حوار يمزج بين البساطة والعمق فيلمس قلبك بصدقه في كل مشاهد المسلسل، يمكنك أن تستمع إلى دقات قلب مفتاح وهو ينظر من بعيد إلى الأسرة التي كفلته في بيتها 3 سنوات من طفولته، ظن فيها أنه أصبح طفل عادى له بيت وأب وأم ثم ، فجأة تقررالأسرة الاستغناء عنه وإعادته للدار بعد أن رزقها الله بطفل، فتبقى هذه الندبة في قلبه إلى الأبد ، ينقل لك إحساس هذه الفئة المهمشة بكل مآسيها وأحزانها وهو يواجه هذه الأسرة بعد مرور 16 عاما بكل مشاعره وضيقه منهم ومن قسوة الدنيا، يتجلى إبداع الحوار في كل مشاهد المسلسل، فى العبارات التى يصف بها كل من ولعة ومفتاح وقطايف وغيرهم من أيتام دار الشمس مشاعرهم، فى الحوارات بين بابا ماجد الذى جسد شخصيته المبدع الرائع الفنان الكبير محمود حميدة وبين مفتاح " طه دسوقى"، وولعة "أحمد مالك" ، وعبيد "مينا أبو الدهب"، وهكذا كل مشاهد المسلسل على هذا المستوى من الصدق والعمق والبساطة والإبداع.