شاهد الباحث والشاعر أحمد خطاب العرض المسرحي " صديق العمر " وعبر عن وجهة نظره تجاه العرض وكتب تحليلا لمشاهدته له وجريدة عين تنشر ما كتبه كنوع من الدعم للنقاد الشباب والباحثين في مجال المسرح والدراما.
كتب خطاب عن المسرحية التي عرضت على خشبة مسرح قصر ثقافة روض الفرج إنتاج وزارة الثقافة قائلا : شاهدت العرض المسرحي " صديق العمر " من تأليف وإخراج " محمد فاضل القباني"، وهو من العروض المميزة على مستوى الرؤية الإخراجية والمعالجة الفنية وأداء التمثيل، رغم إمكانيات الإنتاج البسيطة إلا أنه قد تم توظيف هذا الإنتاج البسيط لخروج عرض عظيم يستحق أن يُعرَض مرات عديدة فى مختلف مسارح الدولة، لإمتاع جمهور المسرح فى مصرنا الحبيبة.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (1)
مسرحية "صديق العمر" مأخوذة عن مسرحية "الرجل الأحزن" للكاتب بيرج زيتونتسيان، وتستند أيضًا إلى المعالجة السينمائية لفيلم "الخلاص من شاوشانك" وتدور أحداثها حول استراود، السجين العبقري الذي يواجه اضطهاد السلطات ولكنه يسعى لتحقيق أحلامه رغم العقبات التي تعترض طريقه.
جاء البناء الدرامي فى المسرحية متصاعد مع الأحداث، حيث بدأت المسرحية برسم شخصية الزوجة التى تطلب من زوجها حياة مستقرة لا تتدخل في حياتها أم زوجها، ويقع الزوج "استراود " فى حيرة بين أمه وزوجته فقد ظهر فى هذا المشهد صراعاً داخلياً ل استراود، وتظهر شخصية الزوجة فى خلافها مع زوجها وتستمع الأم إلى هذا الخلاف بينما تترك المنزل، وتظهر شخصية الزوج المشغول دائماً فى السفر، وعند عودته إلى المنزل بعد سفره يرى خيانة صديق عمره منذ الطفولة مع زوجته فى بيته، فينهار ويتركهما وهو فى حالة من الانهيار، وبعد خروجه من المنزل يسمع صوت إطلاق رصاصتين دليلاً على قتل صديقه وزوجته.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (2)
يتم اتهام استراود بقتلهما ويعرض إلى المحاكمة فى سجن غريب تحكمه قوانين خاصة، ويُحكَم عليه بالسجن مدى الحياة، إلا إذا اخترع اختراعاً يفيد البشرية، وهذا ضمن قانون هذا السجن، وفى هذه الحالة يفرج عنه رئيس مصلحة السجون.
يتعرف استراود على صديق فى السجن يدعي " توم " الذي دخل السجن فى قضية سرقة، وتظهر شخصية توم أنه يحب السرقة للاستمتاع والمغامرة ويتبادلان الحديث ويصبحان صديقين مخلصين، يساعده صديقه توم فى السجن على توصيل اختراعه إلى جمعية المخترعين. ويخرج استراود من السجن بصحبة مدير السجن الذي يتقمص فى هذه اللحظة دور سكرتير المخترع استراود ويذهبان إلى حفل جمعية المخترعين بعدما نال اختراع استراود قبول الجمعية ويذاع صيته عالمياً ويتعرف فى الحفل على فتاة جميلة يتبادلان الحديث والرقص ويعجبان ببعضهما البعض ولكن يتركها للعودة إلى السجن ويعيش يوماً كاملاً فى حرية مطلقة لم يذقها منذ سنوات قضاها فى السجن، ثم يعود استراود إلى السجن ويحكي لصديقه فى السجن عن لحظة الحرية التى عاشها، ثم تتوالى الحكايات فيكتشف أن صديقه فى السجن هو الذي قتل زوجته وعشيقها أثناء سرقة منزل استراود حينما وجدهما وشعر بالخوف فأطلق الرصاص عليهما، ويقرر صديقه السجين " توم " الاعتراف أمام رئيس مصلحة السجون، ليظهر براءة استراود، وينال جزاء فعلته، ويحصل استراود على براءته بعد إعادة المحاكمة.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (3)
وهنا معنى عظيم تقدمه المسرحية، وهي وإن وقعت فى الخطأ فعليك ألا تتمادى فى هذا الخطأ الذي عادة ما ينجب أخطاءً عديدة ولكن عليك أن تعترف بالخطأ وأن تطهر نفسك بالاعتراف الذي ينجي غيرك، وهذا المشهد قد عوض استراود عن طعنته التى جاءته من صديق طفولته الذي خانه، ليعوض بصديق مخلص يضحي بنفسه فى سبيل الاعتراف بالجريمة وتبرئة صديقه، وبينما يخبر استراود رئيس مصلحة السجون بدليل براءته، يسخر رئيس مصلحة السجون من دعواه ويعشمه أنه سيعيد المحاكمة، وعندما يخرج إلى صديقه ليخبره يقوم رئيس مصلحة السجون بقتل السجين "توم" ليفقد استراود الأمل فى براءته فيقرر شنق نفسه داخل السجن فيدخل عليه مدير السجن ليجهش بالبكاء ويعترف أنه كان صديقه أيضاً ولكن منعه منصبه من الاعتراف بذلك، فيفيق استراود ويتفق مع مدير السجن على الهرب .
هذا البناء الدرامي وتصاعد الأحداث والوصول للذرة وتصاعد الصراع قد عبر عنه الممثلون ببراعة ،واتسم الحوار بقوته ولغته الرصينة المناسبة مع الأحداث، كما كان للديكور دور مهم فى دخول المُشاهد فى أجواء الأحداث.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (4)
فقد كان الديكور منقسم إلى جزئين، جزء علوي يسار المسرح وهو مكتب مدير السجن وتحول فى العرض إلى منزل للزوج والزوجة " وأيضاً موقع الخيانة"، وجزء علوي فى يمين المسرح كمكتب لرئيس مصلحة السجون " سلطة عليا " والذي تحول أيضاً إلى بيت الطفولة مع أم استراود، في استغلال بديع لخشبة المسرح دون إرباك المشاهد، وهناك جزء سفلي على يمين ويسار المسرح وهو السجن وبوابة السجن فى منتصف المسرح.
فالبرغم من أن الديكور طوال العرض كان ديكور ثابت، إلا أن توظيفه منقسم إلى قسمين جعل المشاهد لم يشعر بهذا الثبات، فقد أوهم المشاهد بوجود عالمين منفصلين.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (5)
ولعبت الإضاءة التي صممها ونفذها أحمد امين دوراً هاماً فى التعبير عن هذين العالمين أو الموقعين المختلفين فى المكان والزمان أحياناً، فقد اهتمت الإضاءة لدراما العرض أكثر من جماليات الصورة وذلك من خلال تحولات الألوان وتحولات اللحظات الجمالية والدرامية للعرض، وكان هذا فى صالح العرض.
كما لعبت الموسيقى دوراً بارزاً لدخول المشاهد فى بيئة العرض، فقد اعتمدت الموسيقى على التيمات الغربية للتعبير عن بيئة العرض، بإيقاعات سريعة فى بعض الأحيان وإيقاعات هادئة فى أحيانٍ أخرى.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (6)
أما الشخصيات :
استراود: شخصية رئيسية وهو بطل المسرحية تدور حوله الأحداث، وهو إنسان عملي ومخلص لمن يعرفه حتى كان مخلصاً إلى زوجته التى خانته، كان لديه إصرار حتى فى السجن.
الزوجة: شخصية ثانوية تساعد فى تصاعد الأحداث وتتسم بالأنانية، لا تفكر إلا فى نفسها وتظهر شخصيتها فى مشهد الخيانة.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (7)
الصديق: شخصية ثانوية ولكنها تؤثر فى الحدث ، وهو الذي يرفض فى البداية خيانة صديقه ثم يقع لإغواء الزوجة له.
الأم: جائت هذه الشخصية لإظهار سمات شخصية الزوجة والصراع النفسي داخل استراود
مدير السجن/ شخصية رئيسية تدفع الحدث إلى الأمام وهو شخصية حازمة وقوية ولكنه ينفذ الأوامر، تتحول شخصيته فى نهاية العرض حيث يأنبه ضميره ويساعد استراود على الهروب من السجن.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (8)
توم: شخصية محورية تغير من مسار الأحداث ، وهو صديق السجن، السارق، الذي يبتسم دائماً لأنه يستمتع بكل فعل يفعله، ولكنه يخلص لصديقه السجين الذي يعترف له بقتل الزوجة والعشيق قبل أن يعرفه.
رئيس مصلحة السجون/ شخصية محورية تغير أيضاً من مسار الأحداث وهو شخصية سلطوية، الآمر الناهي، يضع قوانين خاصة، يؤثر فى الأحداث ويطور من تصاعد الصراع عندما يقتل " توم " السجين، دليل البراءة الوحيد ل استراود لتكون نقطة تحول فى الأحداث وتغيير بعض الشخصيات فى المسرحية مثل شخصية مدير السجن الذي يتعاون مع استراود السجين ضد رئيس مصلحة السجون.
.jpeg)
مسرحية صديق العمر (9)
هذا العرض "صديق العمر" من العروض المميزة على مستوى الرؤية الإخراجية والمعالجة الفنية وأداء التمثيل، رغم إمكانيات الإنتاج البسيطة إلا أنه قد تم توظيف هذا الإنتاج البسيط لخروج عرض عظيم يستحق أن يُعرَض مرات عديدة فى مختلف مسارح الدولة، لإمتاع جمهور المسرح فى مصرنا الحبيبة.