هدى شعراوي في ذكري ميلادها..كيف جسدت الشاشة سيدة النضال النسوي؟

الرائدة هدي شعراوي الرائدة هدي شعراوي
 
كتب : جمال عبد الناصر

تحتفي الأوساط الثقافية والاجتماعية في مصر والعالم العربي بذكرى ميلاد رائدة تحرير المرأة المصرية، هدى شعراوي، التي تُعد من أبرز الناشطات اللاتي شكلن تاريخ الحركة النسوية، وكانت شعراوي، بجرأتها ورؤيتها الثاقبة، في طليعة المطالبات بحقوق المرأة، متجاوزة بذلك حواجز مجتمعها ومؤسسة لنهضة نسائية غيرت وجه الحياة في مصر، وبينما نستذكر منجزها العظيم كقائدة لأول تظاهرة نسائية في الشرق الأوسط عام 1919، ومؤسِسة للاتحاد النسائي المصري عام 1923، وساعية دائمة لرفع مكانة المرأة، نرصد كيف استلهمت الدراما التليفزيونية شخصيتها المحورية، وكيف أدت فنانات مصريات رائداتها الخالدة.

شخصية بحجم هدى شعراوي، بتاريخها الحافل بالصراع والتنوير، لم يكن غريباً أن تستحوذ على اهتمام صناع الدراما التليفزيونية في أكثر من عمل، جرى تجسيد هذه القامة النسائية، محاولة كل فنانة ومخرج أن يقدم رؤيته الخاصة لهذه السيدة الاستثنائية.

 
هؤلاء جسدن هدي شعراوي
هؤلاء جسدن هدي شعراوي

من بين هذه الأعمال، برز مسلسل "أم الصابرين" الذي عُرض عام 2012، وقدمت فيه الفنانة الراحلة فايزة كمال شخصية هدى شعراوي، ورغم الأداء المتميز الذي قدمته فايزة كمال في تجسيد الشخصية، إلا أن المسلسل، الذي قامت ببطولته الفنانة رانيا محمود ياسين، لم يحظَ بالانتشار والشهرة الكافية، ولم ينل النجاح المطلوب جماهيرياً، مما حرم قطاعاً واسعاً من المشاهدين فرصة مشاهدة هذا التجسيد الجدير بالثناء.

لكن المحاولة الأبرز والأكثر تأثيراً في تناول حياة هدى شعراوي كانت من خلال مسلسل "مصر الجديدة"، الذي عُرض عام 2004، وهذا العمل، الذي كتبه الكاتب الكبير يسري الجندي وأخرجه المبدع محمد فاضل، تناول قصة حياة هدى شعراوي بتفاصيل أعمق وأكثر شمولاً، وقد تميز المسلسل بتقديم شخصية هدى شعراوي عبر مرحلتين عمريتين مختلفتين، حيث جسدت الفنانة داليا مصطفى شخصيتها في مرحلة الشباب، بينما تولت القديرة فردوس عبد الحميد مهمة تجسيدها في مرحلة النضج والكفاح، وكانت الفنانة فردوس عبد الحميد، للحق، الأكثر تشابهاً من الناحية الشكلية بالسيدة هدى شعراوي، وقد جسدتها ببراعة كبيرة، مبرزة قوة شخصيتها وإصرارها.

ويُعد هذا العمل الأول من نوعه الذي تعمق في حياة الرائدة هدى شعراوي، مسلطاً الضوء على رحلة كفاحها الطويلة للحصول على حقوق المرأة المصرية والعربية، بدءاً من قيادتها لأول تظاهرة نسائية من نوعها في الشرق الأوسط ضمن أحداث ثورة 1919 التي أشعل فتيلها الزعيم سعد زغلول ضد الاحتلال البريطاني في مصر، مروراً بتشكيلها أول اتحاد نسائي في مصر للمشاركة في مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي عام 1923، وحتى قيادتها للمؤتمر النسائي العربي سنة 1944.

إضافة إلى ذلك، قدمت الفنانة سلوى محمد علي تجسيداً مميزاً لشخصية هدى شعراوي ضمن سلسلة "وقال الزمان"، في مسلسل من إنتاج التليفزيون المصري. كتب سيناريو وحوار هذا العمل محمد نجيب أبو العزم وأخرجه سعيد عمارة، وبرعت الفنانة سلوى محمد علي في تجسيد الشخصية، مقدمة جميع مراحلها العمرية بتفوق، سواء كانت شابة، سيدة ناضجة، أو في مرحلة الشيخوخة.

تجدر الإشارة إلى أن هدى شعراوي لم تكن مجرد ناشطة محلية، فقد حضرت أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923، وكان برفقتها نبوية موسى، وصديقتها وأمينة سرها سيزا نبراوي، وقد دونت في مذكراتها انطباعاً خاصاً عن هذا المؤتمر، حيث كتبت: "كان من بين ما حققه مؤتمر روما الدولي أننا التقينا بالسنيور موسوليني ثلاث مرات، وقد استقبلنا وصافح أعضاء المؤتمر واحدة واحدة، وعندما جاء دوري وقدمت إليه كرئيسة وفد مصر عبر عن جميل عواطفه ومشاعره نحو مصر، وقال إنه يراقب باهتمام حركات التحرير في مصر".

وبعد عودتها من هذا المؤتمر، قامت بتأسيس "الاتحاد النسائي المصري" سنة 1927، وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947، كما كانت عضواً مؤسساً في "الاتحاد النسائي العربي"، وتولت رئاسته في العام 1935، وشهد عام 1944 عقدها للمؤتمر النسائي العربي.

وفي ذكرى ميلادها، لا تزال هدى شعراوي تلهم الأجيال بمسيرتها الرائدة. وتظل الأعمال الدرامية التي جسدت شخصيتها شهادة على أهمية هذه القامة النسائية في تاريخ مصر، وعلى ضرورة الاحتفاء بمنجزاتها التي أرست دعائم حركة نسوية قوية ومؤثرة.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر