عُرفت مصر بوحدتها الوطنية منذ فجر التاريخ، احتضنت العديد من الأديان، السماوية وغير السماوية، جميعها تآخت فى ظل المعابد والأماكن الدينية التى شهدت هذه الوحدة، العديد من الأديان وجدت طريقا من الحرية لممارستها داخل مصر، لعل أقدم وأبرز هذه الديانات بعد عبادة "آمون" هى الديانة اليهودية التى كانت من أوائل الديانات السماوية فى مصر على يد النبى موسى.
لا تزال آثار اليهود فى مصر شاهد على ذلك، بينها المعابد والتى يتواجد 13 منها فى حارة أو حى فى الموسكى باسم "حارة اليهود"، بقى من هذه المعابد 3 معابد فقط هى معبد "موسى بن ميمون" الذى بنى عام 1204 بعد وفاة "ابن ميمون" الفيلسوف والطبيب اليهودى الشهير، وأحد المقربين من السلطان صلاح الدين الأيوبى وداخل المعبد سرداب يدخله الزائرون حفاة الأقدام، إلى الغرفة المقدسة، التى رقد بها جثمان صاحب المعبد لمدة أسبوع قبل نقله إلى طبرية بفلسطين. كما يوجد بالحى معبدى "أبى حايم كابوسي"، بدرب نصير، ومعبد "بار يوحاي" بشارع الصقالبة.
الحارة لها 6 مداخل مختلفة أبوابها مزينة بنجمة داوود منذ نشأتها عام 1848، كان يسكن الحارة أرباب الديانات السماوية المسلمين والمسيحيين ولا يزال الحى يحتفظ بشواهد تاريخية محفورة تؤكد ذلك مثل بيت "موسى ليشع عازر 1922"، القريب من منزل "شموئيل" القرائي، الذى عاش فيه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر 5 سنوات من عمره.
تنقسم "حارة اليهود" إلى شياختين، شياخة اليهود الربانيين، وشياخة اليهود القرائين. يضم "حى اليهود" نحو 360 حارة تتصل ببعضها البعض.
كان يعمل أغلب اليهود المقيمين فى الحارة بالتجارة خاصة الأقمشة والصاغة والمشغولات الذهبية وحياكة الملابس وإعداد الأطعمة الشرقية وفتح الكوتشينة، كانت بعض اليهوديات يصنعن الحلوى والمربى ويقطرن الزهر وفى يوم السبت كان اليهود القراءون (الذين لا يؤمنون إلا بتعاليم التوراة فقط) لا يغادرون منازلهم ولا يوقدون نارا أو نورا مكتفين بالوجبات الباردة فقط.
تتميز حارة اليهود بوجود علامات "الأوديش" أو مجمع إيواء فقراء اليهود وهناك أكثر من 10 أوديشات بعضها يسكنها الأهالى والبعض الآخر تحول لورش خراطة، والأوديش عبارة عن مكان واسع مربع الشكل يتكون من طابقين بكل طابق مجموعة صغيرة من الغرف الضيقة التى أصبح يملكها مسلمون ومسيحيون حالياً باستثناء 4 غرف مازالت الجالية اليهودية تدفع إيجارها.
أغلب سكان الحارة اليهود هاجروا إلى إسرائيل، فى منتصف القرن الماضى ما بين عامى 1948 إلى 1967 وبقى منهم عدد قليل، وتوفيت آخر سكانه "مارى" قبل 4 أعوام.