سنوات ونحن نستمتع بالطرب الأصيل الذي تشدو به قيثارة لبنان وصوت الأرز، السيدة فيروز، أجمل الأغاني وأعذبها تطالعنا يوميًا، لكن قليلا ما نعرف القصة الحقيقية وأحيانا التراثية خلف كل أغنية والتى من أبرزها "ع الروزانا".
دكتور سعدالله الآغا القلعة هو مؤلف وناشر كتاب الأغاني الثاني، عمل وزيراً للسياحة، وأستاذاً جامعياً في الهندسة والمعلوماتية، ومؤلفاً ومقدماً ومنتجاً للبرامج التلفزيونية في سوريا، نشر عبر موقعه الشخصي لتحليل الأغاني والموسيقى العربية وكذلك مدونته وصفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تحليلا لأصل أغنية "ع الروزانا" والتي وجد من خلالها أن هناك 3 قصص نسجت من وحي الأساطير الشعبية حول أصل الأغنية بعضها لا يقبله العقل والمنطق مثل الرواية التي تقول أن الروزانا سفينة نقلت بقرار عثماني شحنة كبيرة من البضائع إلى لبنان وخاصة السلع الغذائية لتطرحها بأسعار زهيدة بقصد إغراق الأسواق اللبنانية ما كان سيؤدي إلى كساد المنتجات اللبنانية وإلى إفلاس التجار اللبنانيين؛ لكن تجار حلب هبوا لنجدة إخوتهم اللبنانيين فاشتروا المنتجات اللبنانية بسعرها الحقيقي وأهمها التفاح وأنقذوا لبنان من كارثة اقتصادية حقيقية. أُرسلت البضائع إلى حلب ورافقها حبيب من جاءت كلمات الأغنية على لسانها.
بينما الرواية التي أجزم بنسبة كبيرة أنها صحيحة حول الأغنية أن الوضع الغذائي في أوائل الحرب العالمية الأولى في الشام عموماً ولبنان خصوصاً، كان صعبًا، حيث ضربت مجاعة بلاد الشام ابتداء من عام 1915، لجأ العثمانيون إلى جمع المحاصيل الزراعية، خاصة القمح لصالح الجيش في فترة الحرب، لإمكانية نقله لمسافات طويلة فيما تزامن هذا مع سحب الشباب للجيش، ما تسبب في نقص كبير في اليد العاملة الزراعية.
لجأ تجار بيروت إلى شراء القمح من إيطاليا، لأنها كانت حتى ذلك الوقت واقفة على الحياد في معارك الحرب العالمية الأولى ، ما يعني أن الروزانا كانت سفينة إيطالية، و كان المفروض أن تحمل القمح إلى لبنان. أبحرت الباخرة وكل الهنا فيها كما تقول الأغنية لكنها لسبب غير معروف، لم تسلم البضاعة (الله يجازيها)، السبب المرجح ، كان دخول إيطاليا الحرب إلى جانب الحلفاء في مايو 1915 ما حول الباخرة إلى باخرة للحلفاء وجعلها ملزمة بتنفيذ الحصار المفروض على الشواطئ الشامية، ومنعت من تسليم البضاعة، كان المأمول إن وصلت شحنة القمح، أن تتسرب منها كميات إلى جبل لبنان، مقابل تسرب كميات من التفاح إلى المدن الساحلية عبر التهريب.
الأغنية سارت في الشام ووصلت إلى مصر إذ أن أقدم نسخة لها هي بصوت إيميلي الاسكندرانية المنشورة ضمن نسخة البحث المنشور على موقعي على الانترنت، كما غناها صباح فخري.