كنت فى معية مجموعة من أصحابى على القهوة من يومين. وجاء تعليق أحدهم: "بس الأون عاملة شغل جامد." يقصد "أون تى فى."
وهى عبارة تسعدنى بصفة عامة حين أسمع من يثنى على عمل زملائى فى هذه المنظومة الكبيرة التى يوجد بها مئات العاملين ممن يعرف بعضهم المشاهدون لظهورهم على الشاشة أو ممن لا يعرفونهم لأنهم جنود مجهولة لا يظهرون للجمهور بحكم عملهم.
"ليه بتقول كده يا صاحبى؟" سألت صديقى وكنت أتوقع منه أن يناقش تغطية ما لقناة "أون لايف" أو برنامج جيد على قناة أون الترفيقية، ولكن كانت المفاجئة أن أصدقائى سعداء بأن قناة مصرية نجحت فى أن تكسر احتكار قناة قطرية لكل الأحداث الرياضية الكبرى فى العالم والمنطقة.
قال أحد الأصدقاء: "الكلاسيكو هيتذاع على أون سبورت يومى 13 و 16 أغسطس".
وكنت قد عرفت الخبر من إدارة التسويق فى القناة، ولكن لأننى كائن كسول فى التشجيع الرياضى فلم أهتم كثيرا بالتفاصيل. ولكن المفاجأة أن "فيومى" صاحب القهوة على علم بالموضوع ويتعامل معه باعتباره انتصارا مصريا هاما.
قال فيومى: "ورغم انى يمكن اتضرر من الموضوع ده، بس أنا مبسوط.".
سألته "ليه يا فيومى؟".
قال لى: "مش معقول نفضل نعتمد على قناة قطرية فى الماتشات المهمة، مع كل اللى بيعملوه فينا. ليه يعني؟ ده احنا مصر."
الموضوع تحول من نقاش حول مبارة إلى نقاش حول وطن فقد جزءا من مكانته لتكاسل بعض أبنائه فى مرحلة سابقة. ويبدو أن إذاعة مبارتى الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد ينظر إليها قطاع كبير من مشجعى الكرة مثل نظرتنا لمن يرفع علم بلاده على أى قطعة من الأرض غابت ثم عادت. هذا رمز لوجودنا أو غيابنا، لريادتنا أو تأخرنا، لتقدمنا أو تخلفنا.
وما يسعدنى أكثر أن تكون "أون سبورت" وإدارتها هى بطل المشهد، ليس فقط لأننى أنتمى للكيان الأكبر، ولكن لأننى أعلم عشرات التفاصيل عن مئات القرارات التى تتخذ من أجل أن تستعيد مصر ريادتها الإعلامية ليس على مستوى القطر المصرى فقط ولكن على مستوى أمتنا العربية كلها والتى علمتنا دروس التاريخ أن غياب مصر عنها يفقدهما (مصر والأمة العربية) الكثير والكثير.
فكرة "إعلام المصريين" أصلا، قامت على أساس توحيد الجهود ليكون "للمصريين" "إعلام"، وليكون لمصر صوت، ويكون للدولة المصرية، دولتنا التى هى أمنا وبنتنا فى ذات الوقت، قدرة وتأثير. الكيانات الإعلامية الكبرى فى العالم ليست كائنات ضعيفة أو هشة أو ارتجالية. لا بد أن تكون كيانات ضخمة، متشعبة، متعددة الآليات والمجالات والقدرات والإمكانات واللغات.
مصر ليست ضعيفة، ولن تضعف أبدا طالما أن فيها رجالا عاهدوا الله أن يسلموها للقادمين بعدهم أقوى مما وجدوها عليه.
القضية ليست مباراتى كرة قدم، على أهمية المجال عند متابعيه. وإنما إحساس بالفخر واستعادة المكانة الذى لمسته عند مشجعى كرة القدم حين عرفوا أن قناة "مصرية" اسمها "أون سبورت" ستجعلهم لا يفتحون قناة تنطلق بأموال من اختاروا أن يكونوا أعداء لنا لمشاهدة هذا الحدث العالمى.
أنا مبسوط إن مجموعة القنوات والصحف التى تعمل تحت مظلة "إعلام المصريين" تتحرك فى اتجاه توعية ابنى بلدى وفى رفع الفخر الوطنى عند أهلنا بهذه الطريقة وأطالب بالمزيد.
ولكن علشان "فيومي" وزملائه ما يزعلوش، ممكن برضه نأخذ الأسرة والأصدقاء وننزل على الكافيهات ونتفرج على المبارتين يومى 13 أغسطس (10 مساء) و 16 أغسطس (11 مساء).
وإن بدت أنها مقالة مرتبطة بكرة القدم لكن الجو العام يقول: "رغما عن الصعوبات: مصر قادرة، مصر قادمة، المصريون قادرون، المصريون قادمون."