حسين كمال بين النجاح والفشل.. من التجارة إلي أسطورة الإخراج

 
محمد علي

إرضاء الجمهور والنقاد  معاً أصبحت معادلة صعبة في الوقت الحالي خاصة في السينما ،ولكن  بعبقريته نجح في هذا الأمر.. نتحدث هنا عن  المخرج حسين كمال  الذي تحل ذكري وفاتة اليوم 24 مارس، وقد رحل فى عام 2003 تاركاً خلفه أكثر من 30 فيلما تعد بصمة واضحة في السينما المصرية،ولقبه الجمهور والنقاد بمخرج الأزمات.

ولد حسين كمال يوم17 اغسطس 1934  ،وبدأت ميولة الفنية منذ الصغر بذهابه إلي دور السينما مع عائلته في سن السابعة عشر ، وقد حاول اقناع والده بدراسة السينما لكنه رفض وفرض علية دراسة التجارة  في مدرسة الفرير الفرنسية ، وبعد حصوله علي دبلوم التجارة المتوسطة لم ينس حلمه بأن يصبح مخرجاً فقرر السفر إلي باريس وحصل علي شهادة الإخراج من المعهد العالي للسينما عام 1954،ودائما كان صاحب مقولة "أخترت أن أصنع الفن الكبير.. لقد وضعت اسمي على باب سينما شبرا، بدلا من وضعه على باب نادي السينما أو مركز السينما".

عاد إلي القاهرة و عمل بالتليفزيون المصري عام 1960 واجتاز اختباراته بتفوق  لكونة دارسا سينما وتم ارساله في بعثة تدريبية إلي ايطاليا وعندما عاد بدأ في العمل كمخرج للبرامج والدراما التليفزيونية.

حسين كمال صمم علي إخراج جميع أنواع الأفلام حتي يثبت أنه لا يوجد تخصص في الإخراج لأن الإخراج من وجهة نظره هو نقل شريحة من الحياة برؤية خاصة إلي الشاشة والحياة مليئة بالمتناقضات.

اختار كمال ان تكون أول اعماله السينمائية أكثر صعوبة فإختار فيلم "المستحيل" عام 1965 الذي اعتبره استعراض عضلات وإثبات وجود، فكانت القصة تتحدث عن تناقض مشكلات الطبقة الفوق متوسطة، وفي عام 1968 قدم "البوسطجي" بالرغم من اعتذار أكثر من مخرج عنه ،لكنه قبل التحدي ووافق علي إخراج الفيلم الذي دخل ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في التاريخ السينمائي المصري، واستطاع كمال من خلال الفيلم أن يحطم بعض قيود السينما التقليدية ويقدم شكلاً فنياً سينمائياً.

وإلي جانب هذا العمل قدم حسين كمال عدد من الأعمال الأخري منها فيلم "شي من الخوف" عام 1969،استطاع حسين كمال بأفلامه الثلاثة الأولى "المستحيل، البوسطجي، شيء من الخوف"، تقديم سينما جديدة أثارت اهتمام النقاد، واعتبروها مرحلة من أهم مراحله السينمائية، وأطلقوا عليها المرحلة التجريبية.
تحول المخرج في نفس عام إنتاج "شيء من الخوف" إلى سينما صنفها النقاد في إطار تيار السينما التجارية، مخيباً آمال وتوقعات النقاد، لكن حسين كمال فعل ذلك بوعي تام وبرره في إحدى الحوارات قائلا: “شعرت بأنني وجدت طريقي إلى السينما، وأصبح لي أسلوب مميز في الإخراج، فكان لابد لي من أن أخوض الواقع السينمائي فأنا مقتنع بأن السينما مخاطبة لوجدان الناس.. كل الناس، وليست قاصرة على الخاصة أو على فئة بعينها دون الفئات الأخرى”، وهو ما حدث مع "أبي فوق الشجرة"،حيث حطم بهذا الفيلم عام 1969 مقولة إن الأفلام الجماهيرية دائما تفشل ، وأصر العندليب وقتها بإخراج كمال له بالرغم من رفض الشركة المنتجة بسبب فشل اعماله  الجماهيرية البوسطجي والمستحيل بالرغم من اشادة النقاد بهما.

وقدم حسين كمال افلام استعراضية "مولد يا دنيا" عام 1976 وأثبت أن للأغنية الفيلمية أهمية درامية، وليست مجرد إضافة جمالية للسينما، فقدم نموذجا ناجحا للبطولة الجماعية، لكن ذكاء حسين كمال يفاجئك دائماً، ليس فقط في تقديم عفاف راضي، في أول أدوارها السينمائية، وإنما أظهر الفنان القدير عبد المنعم مدبولي كما لم تره من قبل في مشاهده التمثيلية التراجيدية، مثل مشهد أغنية يا صبر طيب، حيث كان واحداً من أجمل وأرق أدوار مدبولي، لاحتوائه على فلسفة ساخرة ومعاني ولمسات إنسانية عميقة.

توقع البعض أن يستمر حسين في تقديم الاستعراض  لكنه عام 1979قدم فيلماً كوميديا "إحنا بتوع الأتوبيس" مع أكبر نجوم الكوميديا عادل إمام وعبد المنعم مدبولي في فيلم سياسي قوي، ينتمي إلى السينما التي ألقت الضوء على حقبة الستينات في مصر والتعذيب داخل المعتقلات، والقصة حقيقية ومستوحاة من كتاب حوار خلف الأسوار للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي.

وقدم الرومانسية عام 1980 بفيلم "حبيبي دائماً" الذي يدخل  ضمن أهم أفلام الحب والرومانسية المغلفة بالميلودراما التي تبدو مستهلكة لكنها بنكهة كمال أبكت الجمهور ومازال "إبراهيم وفريدة" قصة تحرك مشاعر الكثيرين رغم مرور أكثر من ثلاثين عام، بطولة نور الشريف وبوسي وسعيد عبد الغني.

تمتع بقدرة تحويل الروايات إلى أفلام في مضمون السيناريو.. ليبشر بولادة مخرج عظيم، تجبرك أفلامه على أن تشاهدها أكثر من مرة لتحصيل عمق المغزى الذي تتضمنه، تميز المخرج حسين كمال بمئات الأفلام، منها  ريا وسكينة عام 1980،العذراء والشعر الأبيض، وإمبراطورية م، وثرثرة فوق النيل، ودمي ودموعي وابتسامتي، ونحن لا نزرع الشوك، وأرجوك أعطني هذا الدواء، والمساطيل، ، ودمي ودموعي وابتسامتي، وعلى ورق سيلوفان، والنداهة، ، والحب تحت المطر،  والعذراء ، وغيرهم".

وأخرج ايضًا عدد من المسرحيات الهامة من بينهم، "ريا وسكينة والواد سيد الشغال وعلشان خاطر عيونك وحزمني يا والجميلة والوحشين وأنا والنظام وهواك".


 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر