عادة عندما يفقد الإنسان شخصا عزيزا عليه، يشعر بصدمة كبيرة وبعدها بفترة يحاول استرجاع اللحظات الأخيرة التى عايشها المتوفى، ويجد فى بعض الأحيان مواقف تجعله يشعر أن المتوفى كان يشعر بقرب نهايته ولكن الشخص الذى مازال على قيد الحياة لم يستطع الربط وقتها.
وهذا ما حدث مع الممثل الراحل عبد الله غيث، الذى رحل عن عالمنا عام 1993 بعد أن قدم العديد من الأعمال، التى تركت بصمة لدى جمهوره، ولعل أبرزها هو فيلم الرسالة للمخرج السورى الأمريكى مصطفى العقاد، ففى حفل تأبين الراحل مصطفى العقاد روى السيناريست الراحل محمد صفاء عامر أن عبد الله غيث لم يكن انتهى من تصوير دوره فى مسلسل ذئاب الجبل الذى كتبه محمد صفاء عامر، وبالرغم من ذلك طلب عبد الله غيث أن يعود إلى القاهرة بعد أن أتصل بشقيقه حمدى ليطلب منه المجىء إلى الصعيد ويرافقه فى رحلة عودته إلى القاهرة، بحجة أنه يريد الإنفاق على موعد عرض أحد مسلسلاته مع المخرج، وهو الأمر الذى أثار اندهاش حمدى غيث من طلبه، وقتها لم يعترض المخرج لمعرفته سبب إصرار عبد الله غيث العودة إلى القاهرة.
وبعد ما وصلوا إلى محطة مصر، طلب عبد الله غيث من شقيقه حمدى أن يذهبا إلى الجامع الأزهر لتأدية صلاة الظهر، وبالفعل استجاب عبد الله لطلب أخيه وتوجهوا للأزهر، وبعدها طلب عبد الله غيث أن يزور مسجد سيدنا الحسين كونه من نسل سيدنا الحسين، واستجاب أخيه لطلبه الثانى ولكن أثناء تواجده فى سيدنا الحسين شعر بوعكة صحية وتوجه إلى المستشفى برفقة أخيه، وعلم الجميع أن عبد الله غيث مريض بسرطان الرئة والكبد، وبعدها رحل عبد الله غيث بأيام.
الأمر الذى جعل السيناريست محمد صفاء عامر أن يروى هذه القصة هى وفاة عبد الله غيث، ربما إذا لم يكن مريضا كان من الممكن أن لا يتذكر هذه القصة ولكن وفاة عبد الله غيث أيقظت هذه اللحظات التى جعلته يربط بين وفاة عبد الله غيث وبين ما عايشه فى الأيام الأخيرة.