لأنه كان صحفيًا مختلفًا، يغرد دائمًا خارج السرب، يجيد اصطياد الفكرة، ويبرع في تنفيذها، كان أنيس منصور صحفيًا مختلفًا، ما يقدمه من أفكار وموضوعات لا يشبه فيها أحد.. وفي ذكرى ميلاده التي نحتفل بها اليوم، نقدم لك عزيزي القارئ إحدى أفكار الكاتب الكبير المجنونة التي احتفل بها بعيد ثورة يوليو الأول.
تفاصيل الموضوع:
بدأت الحكاية في مارس 1953، عندما اقترح أنيس منصور على رئيس تحرير "آخر ساعة" في ذلك الوقت محمد حسنين هيكل فكرته المختلفة للاحتفال بعيد الثورة، وذلك بفتح قصر عابدين للشعب، وجلب فلاح مصري وزوجته لزيارته، فوافق هيكل على الفور.
ليدخل سليم وزوجته وطفله القصر الملكي في 9 ابريل من عام 1953، متجولا في أرجاء القصر الذي يضم 500 قاعة وغرفة. منبهرا بما تحويه جميعها من أثاث وسجاد وأنتيكات.
حكى أنيس منصور عن تلك الزيارة في مقال نشره في جريدة المصري اليوم بتاريخ 28 يونيو 2014، فقال إنه تمكن من الحصول على التراخيص اللازمة، وذهبَ إلى قرية "الحوتية"، التي أصبحت حي المهندسين الآن، لاختيار من سيقوم بالزيارة، وبالفعل تمكن أن يصل إلى فلاح نموذجي، وهو محمد سليم عبد الله، وزوجته وطفلهما محمد الذي يبلغ من العمر 3 سنوات.
وكتب أنيس حاكيا:
"فى صباح يوم الخميس 9 إبريل 1953 دلف من باب القصر الملكي الوفد الذي يضم سليم وزوجته وطفلهما الصغير والمصور الراحل حسن دياب وأنا. وكما ذكر لي المسؤولون عن القصر، كنت أول صحفي يدخل هذا القصر الذي يضم 500 قاعة وغرفة".
سجل أنيس منصور بقلمه تفاصيل الزيارة التي شار إلى بعضها في مقاله المشار إليه، فحكي أن سليم قام بخلع حذائه عندما دخل الى القصر وظل حاملا إياه طوال الزيارة
لكن كان من أطرف ما حدث في الزيارة، هو عندما أراد الطفل الصغير أن يتبول قرب حمام الملك، فاصطحبته أمه إلى الداخل، ولكن الطفل لم يتمكن من إتمام حاجته عندما أجلسته أمه مكان الملك، وأمام إلحاح الحاجة "عملها محمد على الأرض" كما تعود، تاركًا للموظفين إزالة ما بقى من آثار.. بحسب شهادة الكاتب الكبير.
وبعد عدة ساعات، انتهت جولة "سليم" وزوجته التاريخية داخل القصر، والتقط المصور، حسن دياب، صورا لهما، كانت أهمها الصورة التي احتلت صدر الصفحة الأولى من مجلة "آخر ساعة"، حيثُ ظهر فيها "سليم" وزوجته وهما يجلسان على كرسيي العرش، وبينهما طفلهما الصغير، بينما ظهر عنوان أعلى الصورة: "الشعب يجلس على العرش".