لسنوات طويلة وكسوة الكعبة المشرفة تصنعها أيادى مصرية أصيلة، بكل حب وإيمان.. وظل هذا التقليد الذى بدأ فى عهد شجرة الدر متبعا على مدى العصور المختلفة حتى عهد جمال عبد الناصر.
كسوة الكعبة كانت تخرج فى موكب يسمى بالمحمل، وكان ذلك المحمل يطوف فى شوارع المحروسة فى احتفال تتزين فيه البيوت والمحال. ويحضره أكبر الشخصيات فى مصر احتراماً لقدسية الحدث.
والمحمل الذى كان عبارة عن هودج فارغ يقال أنه كان يخص شجرة الدر، التى بدأت هذه المراسم، كان يتقدم الموكب الذى يضم جملين يحملان صناديق فيها الكسوة. وهما جملان كانا يتم اختيارهما بعناية شديدة، فهما سوف يقومان بمهمة سامية.
لذلك كان يطلق عليهما "نبيل" و"مبروك" ويتم اختيارهما من بين الجمال التى يملكها المصريون، ومن يقع الاختيار على جمله يعيش سعيدا ومسرورا وينال البركة على حد تصريح المصور الكبير سمير الغزولى، الذى يمتلك أرشيفا كبيرا عن تلك الرحلة ورثه عن والده بكل ما يتعلق به من تفاصيل وحكايات، أدلى ببعضها فى حوار قديم نشرته مجلة الشباب.
كما كانت الدولة تخصص شخصا للعناية بالجملين، يخصص له راتب شهرى يصل إلى 25 جنيها، حيث يقوم على رعايتهم ولإطعامهم ووضعهم فى مكان مخصص يليق بمكانتهم ومهمتهم.
أطرف المعلومات التى جاءت فى الحوار المشار إليه أن راعى الجملين كان يجب أن يكون مدخناً، فمن مهامه تدخين السجائر ونفخ دخانها فى أنف الجملين حتى تهدأ أعصابها، والسيطرة عليها، وهى عادة لا زالت منتشرة فى الريف.
يظل "نبيل" و"مبروك" تحت الرعاية المتميزة حتى الانتهاء من صناعة الكسوة، ويقومان بحملها إلى الكعبة المشرفة، بعد تأنقهما وارتدائهما الزينة التى تليق بالرحلة المباركة.