"سيحت الدم وقمت الزار مَقبِلتِش م الدراويش أعذار ولا سِيبتِش للأوليا أتباع".. بمثل هذه الكلمات غير المفهومة ربما عند سماعها لأول مرة، والممزوجة بوصلة موسيقية تجعلك تتمايل إجباريًا على إيقاعاتها الغريبة حتى وإن لم تفهم معانيها، مع ترديد الكوبليه الرئيسى للأغنية "مكسور يا إيقاع أربع ترباع، بتدق الوهم على الأسماع"، ستشعر لوهلة وكأنك فى زار أو دخلت فى تيهة فكرية مليئة بالدوشة وزحام الأفكار من هول تلك الدوشة التى ستفاجئك فى منتصف الأغنية، مع أداء ثلاثة أصوات مجمعة لنفس الكلام، هى حالة أقرب منها مجرد أغنية، وكأنها كوب من القهوة السادة التى لن تستسيغها من أول رشفة ولكنك سرعان ما تدمن ذلك المود الغريب الذى تصنعه.
ذلك ما يجسده مشروع "الإخفاء"، أجدد التجارب الموسيقية التى تقتحم ساحة المزيكا البديلة بالعالم العربى بقوة، نظرًا لخبرة أعضائه الثلاثة ممن يعتبرون من رموز المجال المستقل، بداية من مريم صالح، والمنتج والموسيقى الفلسطينى تامر أبو غزالة، والموسيقى موريس لوقا، وتم اختبار رد فعل الجمهور بما يشبه تريلر فيلم المشروع عبر إطلاق أول أغنياته "إيقاع مكسور" تمهيدًا لإطلاق أول ألبومات البروجكت الذى يحمل نفس الاسم فى حفل الإطلاق الجماهيرى يوم السبت 23 سبتمبر، على مسرح البحيرة فى حديقة الأزهر.
وقالت مريم صالح لـ"عين"، إن الإخفاء يعد مرحلة موسيقية جديدة لها فى مشوارها الغنائى، إذ تظهر فيه بشكل موسيقى بعيد تمامًا عن التيمة التى عرفها فيها الجمهور خلال ألبومها الأول "مش بغنى" أو حتى الشكل المثير خلال مشروع ألبومها الأخير"حلاويلا"، والتى مزجت فيه بين روح روائع الشيخ إمام بلمسة المزيكا الإلكترونية، حيث يحمل "الإخفاء" شكلًا موسيقيًا صعب تصنيفه تحت مسمى معين، ولكن يمكن اختصاره فى تيمة "السايكيدليك بوب"، ويضم الألبوم المنتظر 10 أغنيات، تقدم جميعها بشكل دويتوهات غنائية، تجمعها مع أبو غزالة، و لمسة من موسيقى موريس.
كما أشارت مريم إلى أن اسم "الإخفاء" جاء بمحض الصدفة وبدون تفسير ربما إذ وقع اختيار تامر عليه خلال دردشة جمعت الثلاثى فى إحدى البروفات، تقول مريم مازحة: "اعتبره زى طاقية الإخفا كده، والاسم لقيناه مناسب عشان فيه شوية غموض وغرابة ممكن تبان فى شكل المزيكا والغنا"، ويشارك الثلاثى فى الألبوم مع الشاعر ميدو زهير الذى قام بتأليف كافة أغنيات الألبوم، وتعاونت مريم من قبل مع ميدو فى عدد من أكثر أغنياتها نجاحًا، أبرزها "انساب وليه تنربط"، و"طول الطريق" فى ألبومها الأول، وأغنيات "إصلاحات" و"وطن العك" فى الألبوم الثانى.
بينما كشف تامر، أن الإخفاء سيكون مشروعًا موسيقيًا مختلفًا عن المعتاد فى ساحة المزيكا، حيث يكون "بروجكت" أكثر منه فكرة "باند" غنائى كما هو المتعارف عليه فى الباندات، مشروع موسيقى تجريبى لإنتاج ألبوم يحمل اسمه، ولم يتم وضع خطط مستقبلية بعد لإكمال البروجكت بألبوم ثانى حتى الآن، و تم العمل عليه على مدار أكثر من ثلاث سنوات، موضحًا أن بداية الفكرة جاءت خلال ورشة عمل موسيقية جمعته مع مريم ولوقا فى استوديو الكابينة بالإسكندرية، وتطورت الفكرة إلى تجسيد موسيقى حية خلال تنقلهم بجولاتهم الفنية المنفصلة بين بيروت وعمان وأوروبا، حتى تم الاستقرار على شكله النهائى مع بدايات العام الجاري، وتم الاتفاق على تجميع خبرات الثلاثى فى بروجكت واحد يكون نتاجه ألبوم.
وأضاف تامر، أن الألبوم سيكون متاحًا للجمهور فى الأسواق بشكل "سى دى" عقب حفل الإطلاق بالقاهرة بحديقة الأزهر، كما سيتم طرحه أونلاين عبر المتاجر الإلكترونية، منوهًا أن حفلة القاهرة ستكون مجرد بداية لجولات حفلات يمر فيها الثلاثى بين أوروبا والعالم العربي، حيث ستكون البداية من فرنسا مطلع أكتوبر المقبل، ومن ثم يشدون الرحال إلى السويد بحفل فى العاصمة ستوكهولم مساء الأحد 5 نوفمبر، وبعدها فى الـ17 من نفس الشهر يشاركون فى مهرجان وصلة الموسيقى فى دبى بالإمارات العربية المتحدة، على أن تعود الجولة من جديد بعد توقف بضعة أشهر فى أبريل المقبل بحفلة كبرى فى العاصمة الفرنسية باريس، ومن بعدها حفل خاص فى متحف برنالى بفرنسا فى شهر يونيو.
ويعيد "الإخفاء" مريم صالح إلى الساحة الجماهيرية بعد غياب سنتين عن إطلاق آخر ألبوماتها الغنائية "حلاويلا"، وبعد حوالى سنة ونصف عن ألبوم تامر أبو غزالة الأخير "ثلث"، وبعد أكثر من سنتين عن ألبوم موريس لوقا "بنحيى البغبان" الذى لخص خلالها خبرته فى عامل الموسيقى الإلكترونية، كما يعد المشروع الجديد تعاونًا جديدًا يجمعه مع تامر بعد مشاركتهما معًا فى مشروع فرقة الألف، مع الموسيقى العراقى خيام اللامي، والموسيقيان خالد ياسين وبشار فران من لبنان، والألبوم الجديد من إنتاج شركة "مستقل".