نهى سعيد تكتب: نفسك تفِن على مزاجك؟ ادعم فكرة الـ«Crowd Funding»

فكرة التمويل الجماعى للفن فكرة التمويل الجماعى للفن
 

أزمات تلو أزمات تعيشها صناعة الفن بصفة عامة والموسيقى بصفة خاصة، فسوق الموسيقى أصبح يتوارى عاما تلو الآخر، والنجوم تخفت يوما بعد يوم لدرجة أن مواسم الحفلات فى مصر تقوم على استحياء بأقل من 6 أو 7 مطربين فى مصر من شرقها لغربها.

كثيرا ما سمعنا عن "تأففات" الجمهور وغضبه من أنواع موسيقية معينة، واتهامات بالجملة وحملات هجوم شرسة، فهذه الموسيقى تفسد الذوق العام، وتلك الأغنية مبتذلة وهؤلاء المغنون مسفون، لكن المستمع ظل لفترة طويلة متفرجا فقط، لا يملك واقعيا سوى التنظير وإبداء الرأى حتى وإن لم يطلب منه فى الأساس، بالفعل كانت هناك آراء حقيقية، وبالفعل مرضت آذاننا جميعا بأنواع شتى من الموسيقى المبتذلة والكلمات البذيئة، لكننا كنا نقول فى أنفسنا "أهو أحسن من مفيش"، ومع مرور الوقت أصبحنا على شفا حفرة من "أهو لا هيبقى فيه أحسن ولا مفيش"، نعم! الصناعة مرضت وفشلت كل المسكنات الوقتية فى القضاء على مرضها هذا، والسبب إنتاجى بحت، فلا يخفى على أحد أن القرصنة من ناحية، ومن ناحية أخرى جشع بعض المطربين ولا أقول جميعهم برفع أسعارهم واهتمامهم بأنفسهم فقط دون النظر لاستمرارية هذه الصناعة، جعلت كثير من المنتجين يهربون، بعدما عاشوا خسائر فادحة.

وسط كل هذه الأجواء السوداء التى تدعو للأسف على حال الموسيقى وصناعة الفن بشكل عام، لوّح بعض المهتمين بالفن وعلى رأسهم الموزع والمخرج الشهير كريم عبد الوهاب، فى دردشة قصيرة عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، بفكرة الـ Crowd Funding، والغريب أن الفكرة لاقت قبولا كبيرا واستحسانا لم أتوقعه من عدد من أصدقائه المهتمين بالفن.

 

كريم عبد الوهاب
 

ولمن لا يعرف كثيرا عن مصطلح الـ Crowd Funding، فهو مصطلح يعبر عن فكرة التمويل الجماعى، وهى فكرة يُعمل بها فى أمريكا وأوروبا، وتعتمد على تمويل الجمهور نفسه للصناعة، بحيث يصبح أى مشروع فنى من إنتاج الجمهور، وعلى الطريقة التى تناسبه والأفكار التى تستهويه، فهو المنتج والمشاهد والمستمع فى وقت واحد.

نعم! بالفعل أصبح لك سيدى بموجب هذه الفكرة صلاحية المشاركة فى اختيار أغانى ألبوم نجومك المفضلين، أو المشاركة فى معالجة قصة فيلم معين، أو على الأقل يمكنك الاعتماد على شخص من أهل الخبرة والصناعة تثق فى فنه واختياراته، بل إنك فى حال نجاح المشروع وتحقيقه لأرباح مهما كان حجمها، سيكون لك نسبتك مثلك مثل أى صاحب شركة إنتاج.

ما نتحدث عنه الآن ليس دربا من دروب الخيال أو أمرا غير منطقى، فقد قُدمت كثير من المشروعات الفنية والإعلامية فى أمريكا وبريطانيا اعتمادا على هذه الفكرة، يكفيك أن تعلم أن هيئة الإذاعة البريطانية تأسست على هذا النحو، ولهذا فقد استطاعت تقديم كل المواد الإعلامية التى ترضى مستمعيها ومشاهديها فيما بعد.

 

crowdfunding
فكرة الـ crowdfunding

 

وفى مصر كانت عازفة الأكورديون الشهيرة فى مجال الأندرجراوند "يسرا الهوارى"، هى صاحبة أول تجربة لفكرة Crowd Funding، وبالفعل عندما طلبت يسرا من جمهورها أن ينتجوا لها ولفرقتها ألبوما بحملة كان شعارها "إنت المنتج"، لاقت الفكرة استحسانا من قبل جمهورها والمقتنعين بموسيقاها، وتلقت يسرا أموالا مكنتها من اتخاذ خطوات أولية فى طريق إنتاج ألبومها، بالطبع لن يكون الأمر سهلا أو ممهدا بالورود، ولم ننتج الألبومات والأفلام الرائدة بين يوم وليلة، ولكنها حجرة يمكن أن نحرك بها المياه الراكدة، وخطوة قد تكون سبيلا لحل أزمة إنتاج تهدد صناعة الفن والإعلام فى مصر.

يسرا الهواري
 

كريم عبد الوهاب ويسرا الهوارى وغيرهما من الداعمين لهذه الفكرة مازالوا يجاهدون لحماية هذه الصناعة، ويدرسون سبل بلورة الفكرة وتفعيلها، لكن دون شك هم يحتاجون لمزيد من الدعم والأفكار من النجوم فى كل مجالات الفن، والمواهب الجديدة التى تنتظر فرصة ويمكنها المساهمة فى الأعمال الفنية دون أجر والجمهور الذى سيكون هو كلمة السر الحقيقية وراء الأعمال الفنية التى ستعتمد على هذه النوعية من الإنتاج، فهل تجد هذه الخطوة تربة صالحة تنمو بها لتعم بخيرها على الصناعة وأهلها، سؤال قد تجيب عنه الأيام المقبلة.

Crowdfunding

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر