"عندما قرأت فى نعيه أنه توفى عن سبعة وستين عاما فقط وكنت أظنه أكبر من ذلك لكثرة ماأنتج، وكثرة ماعاش، وكثرة ماسافر فى أنحاء الدنيا، وكثرة ماترك من الأبناء والبنات فى شتى عواصم العالم".
كانت من أعمق ما قيل فى حق الشاعر والمؤلف الكبير عبدالرحمن الخميسى ولم نجد أعمق من هذا الوصف لنبدأ به الحديث عنه فى ذكرى وفاته.
اليوم الذى فقد فيه الفن واحدا من أعمدة ورموز الإبداع الفنى الذى بدأ رحلته من مدينة الفن والجمال "مدينة المنصورة" رغم أنه ولد فى بورسعيد ولكنه كان يدرس بمدرسة القبة الثانوية بمدينة المنصورة بدأ هناك كتابة قصائد الشعر الخاصة به وكان يرسلها إلى كل المجلات فى القاهرة وبالفعل كان هناك مجلات حريصة على نشر هذه القصائد من ضمن هذه المجلات "الرسالة" و"الثقافة".
وبعد ذلك قرر الخميسى أن يفعل مثل من سبقوه ويتنقل الى العاصمة ليبدأ مشواره الفنى ولكنه اصطدم بالواقع حيث وجد نفسه وحيد فى بلده لا يعرف فيها أحد وإذا ظل كذلك فسوف يموت جوعا فعمل فى العديد من المهن من بينها كومسرى وعامل فى محل بقالة وعمل مصححا فى مطبعة إلى أن بدأت الأبواب تفتح أمامه فدخل مجال الصحافة عن طريق جريدة المصرى التى كانت تابعة وقتها لحزب الوفد.
ومنذ ذلك الوقت وبدأ اسم عبدالرحمن الخميسى يلمع فى عالم القصص الروائية وخاصة التى كانت تحكى عن الفقراء والمهمشين فى المجتمع ولكن خلال هذا الوقت قامت ثورة يوليو والتى كانت تطالب بحل الأحزاب السياسية وعلى النقيض كان الحسينى من أنصار الأحزاب وهو الأمر الذى تسبب فى وضعه فى السجن لمدة ثلاث سنوات.
وبعدما قضاهم كاملة وخرج التحق بجريدة الجمهورية ولكن تم عزله من قبل الحكومة ووضعه فى وزارة التموين وخلال هذا الوقت أنشأ فرقة مسرحية باسمه ألفها وأخرجها ومثل فيها ولف بها كل المحافظات المصرية وبعدها ألف عددا كبيرا من المسلسلات كان من أشهرها والتى أصبحت علامة فى الدراما المصرية هو مسلسل "حسن ونعيمة" الذى تم تحويله بعد ذلك إلى فيلم.
ثم بعد مرحلة تأليف المسلسلات انتقل إلى تعريب الأوبريتات وكان من أشهرها أوبريت "الأرملة الطروب" ثم اتجهه الى تأليف الأوبريتات المصرية ثم بعد ذلك توجهه الى تأليف أعمال سينمائية وكان حريصا على اكتشاف المواهب الجديدة فهو من اكتشف يوسف ادريس وسعاد حسنى، وكان من أهم أدواره هو دوره فى فيلم "الأرض".
وبعيدا عن العمل فهو كان واحدا من الأشخاص التى تعشق السفر فسافر لعدد كبير من الدول من بينها بيروت وروما وباريس وموسكو ورغم ذلك إلا أنه اشترط أن يدفن فى المدينة التى بدأ منها المنصورة وبالفعل تم دفنه هناك.