تائه وسط صحراء خاوية هجرتها الأرواح، لا يؤنس وحدتك فيها سوى ظلك، وسيهرب مع أول خيط إسود يظهر في الأفق مع غروب الشمس ليبتلعك في ظلال ظلامه، لا صوت هنالك يعلو فوق زلزلات دقات قلبك مع كل آه تسمعها من صرخات روحك الدفينة، محبوس وسط براح لا حدود له على مرمى البصر، هدوء يقتلك بالبطىء مع الوقت، تغمض عينيك برهة لتشعر وكأنك وسط جزيرة نائية وسط محيط هائج، منعزل بنفسك عن كل ما يعكر صفو حياتك، لا ضجيج هنالك لزحام بشر، ولا قلق هناك من روتين عمل ودراسة، ولا مكان لألم من جرح عاطفى، أنت وحدك وونيسك وحدتك، ترمى عليك الرياح من وقت لآخر ببعض الأنس بأصوات هبوبها، وكأنها صيحات أرواح هجرت صحرائك قبل قدومك، وتهمس فى أذنيك بكلمات "الروح لا تهوى إلا الجمال، والقلب لا يخشى المحال"، مصحوبة بإيقاعات موسيقية مستوحاة من دقات قلبك ووقع أنفاسك.
خطفة روحانية تأخذك إليها تلك الكلمات فور سماعها ولو بمحض الصدفة خلال تقليبك على اليوتيوب، لتذوب عشقًا في حالتها النفسية الملامسة لروحك بآهاتها وموسيقاها الهادئة، الممزوجة بأداء غنائى تقشعر له الأبدان، وتأسر قلبك فورًا لو سرحت مع كليب الأغنية نفسها، الذي تم تصويره في أنسب مكان يلائم حالتها الروحانية، وسط صحراء دهب الشاسعة بأفقها واللامعة برمالها والآسرة بجمال طبيعتها، لتشعر وكأنك سحبت داخل الكادر نفسه وحبست فى تلك الصحارى وحيدًا، وتظل تلك الموسيقى بمثابة الهمس المؤنس لعزلتك هناك، حالة تخلقها أولى أغنيات "سرمد".
باند موسيقي حديث العهد في ساحة الأندرجراوند بمصر، يكمل حاليًا عامه الأول من حيث التأسيس، رغم تخطي عمر أعضائه السنوات من خبرة عملهم منفردين في المجال الموسيقي، انطلقت فكرته وسط جمال الطبيعة الساحرة في دهب، بتلاقي مؤسسه شريف المغازى، أول عازف لآلة الهاندبان في مصر، مع الفوكال مصطفى رشاد الشهير بلقب "صافي"، وعرفت ببصماته الغنائية الخاصة فى عدة أعمال منها "مسرحة البؤساء الغنائية" و"أوبريت الليلة الكبيرة" مع فرقة فابريكا، إضافة إلى الجيتاريست شريف عصام الشهير بلقب "شوش"، عضو فرقة "بهية" المقدمة لأعمال الشيخ إمام ودرويش، باجتماعهم صدفة في "قعدة مزيكا" بأحد كافيهات دهب، مطلع أكتوبر من العام الماضي، ليقرروا لم شمل شغفهم بالمزيكا وتجسيدها فى بروجكت، بدأ بصدفة وانتهى بقدر تكوين باند.
خطفت الهاندبان عقل المغازى منذ 6 سنوات، بعد أسر ذهنه بمشاهدة عازفيها على اليوتيوب، ليقرر تجربة لعزف عليها بشق الأنفس، نظرًا لقلة عازفيها عربيا، وصعوبة الحصول عليها حتى لو من المتاجر الأونلاين، ليرمى له القدر زيارة سريعة لإندونيسيا ويشتريها من أحد الباعة مستعملة وبجودة قليلة، ليبدأ تعليم نفسه بنفسه عليها، ويبدأ فى تجميع هاندبان وراء أخرى حتى أصبح عنده حاليًا "كوليكشن" مختلف كل آلة لها سلمها الموسيقى الخاص، ومزجها مع وصلة "سيت" إيقاعية من البركشن والدرامز واللوبس الإلكترونيك، وبدأ فى تجسيد شغفه بها بنشر فيديوهات مصورة على السوشيال ميديا، واستحق عن جدارة لقب "ميويزك فروم ستيل" أو "موسيقى المعدن"، وتخطت مشاهداته الآلاف، حتى خطف هذا العام الجمهور العربي بمشاركة خاطفة فى برناج المواهب العربية "اراب جوت تالنت".
رغم نجاح مشواره المنفرد كعازف هاندبان وباند سنجل، قرر المغازي تطوير موسيقاه بشكل أكبر مع "سرمد" بمزج الأدا الغنائي الشبيه بالصوفية مع كلمات أغاني أوريجينال للفرقة باللغة العربية الفصحى، مع مزيجا موسيقي إلكترنيك أقرب لأصوات روحانية، ومنها تم بث الروح فى جسد السرمدى، وتم اختيار أقرب اسم للحالة الروحانية التي يقدمها "سرمد" أو "أزلى"، وخرج للنور أول مولود رسمى للباند بأغنية "فى عشق الروح"، وتم تصويرها في دهب، ومن ثم أتبعت بثانى أعمال الفريق "وتسألين"، ويتم حاليًا التحضير لإطلاق أول ألبوم، بوضع اللمسات الاولية على 7 أغنيات جديدة.