ما زالت قضية زواج القاصرات ظاهرة تثير أزمة داخل المجتمعات العربية، وأحد جرائم العنف ضد الأطفال وانتهاك صريح لحقوق المرأة فى ظل استمرارها وازديادها رغم وجود قانون يعاقب عليها، ولكن يبدو أنه لم يكن كافيا للحد من تلك الجرائم التى ترتكب ضد الطفولة.
وربما دفع ذلك عدد من النائبات تحت قبة البرلمان حاليا، بتقديم طلب بمراجعة قانون زواج القاصرات وتغليظ العقوبة من خلال قانون جديد يتطرق إلى المشاكل الناجمة عن زواج القاصرات، فى انتفاضة للمرأة، وضمان حقوقها، التى سبق وانتفضت من أجلها أيضا العديد من الأعمال السينمائية والدرامية التى تطرقت للأزمة كعادة فى الفن الذى أسهم بأفلام فى تغيير بعض القوانين.
ولأن للفن دورا ثقافيا وتنويريا وإصلاحيا فقد سبق واستعرض قضية الزواج المبكر للأطفال باستفاضة من خلال العديد من الأعمال السينمائية كصرخة للمسؤولين، ومن هذه الأعمال فيلم "لحم رخيص" التى رصدت مخرجته إيناس الدغيدى من خلاله تلك القضية وتناولت من خلال الفيلم تجارة الجسد فى الأرياف المصرية.
إلهام شاهين ووفاء مكى فى لحم رخيص
وناقش أيضا الفنان صلاح السعدنى والمخرج مجدى أبو عميرة من خلال مسلسل حمل عنوان "القاصرات" بشكل صريح من خلال أحداث المسلسل التى تدور حول قصة عبد القوى التاجر بالصعيد الذى يهوى الزواج من القاصرات.
مسلسل القاصرات
ولعبت السينما دورا هاما فى مناقشة العديد من القضايا الأخرى وكان لها دور ملموس فى إصلاح المجتمع، والوصول بقضاياه إلى مكاتب المسؤولين وتغيير القوانين، من خلال 3 أفلام غيرت القانون وأصبحت علامة فى تاريخ السينما المصرية.
يعد أول هذه الأفلام "جعلونى مجرما" الذى قام ببطولته الفنان الراحل فريد شوقى، عام 1954، وناقش الفيلم قضية نظرة المجتمع لشاب يتم سجنه بسبب بعض الظروف وكيف يتم تحويله لمجرم حقيقى.
وذلك من خلال أحداث الفيلم التى دارت حول شاب لم يجد من يحسن تربيته بعد وفاة والده الذى تزوج والدته زواجًا عرفيًّا، ويستولى عم الشاب على ثروته ويبددها على الحفلات الصاخبة، ويصبح الفتى ضائعًا في الطريق فتلتقطه عصابة للنشل، وتتوفى أمه فيلجأ إلى عمه فيطرده ويودعه إصلاحية الأحداث، يحاول أن يجد عملا شريفًا بعد خروجه من الإصلاحية ولكنه يفشل، تدفعه الظروف ليصبح مجرمًا بالفعل.
وقد صدر عقب عرض هذا الفيلم قانون مصرى ينص على الإعفاء من السابقة الأولى فى الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.
فيلم جعلونى مجرما
ويليه فيلم "كلمة شرف" الذى قام ببطولته أيضا الراحل فريد شوقى عام 1972، وبعد عرض هذا الفيلم تم تعديل القانون لكى يسمح للسجين بالخروج بضوابط معينة.
وتدور أحداثه حول شخص يسجن ظلما بتهمة ليس له ذنب فيها، فـ"كامل" نور الشريف، شقيق زوجته يقع مع إحدى الفتيات التى تحمل منه، فيحاول مساعدتها وإخفاء الأمر عن أهلها باصطحابها إلى أحد الأطباء للتخلص من حملها إلا أن القدر يضع كلمته وتتوفى الفتاة، ويتم القبض عليه ويسجن، وتعتقد زوجته أنه كان على علاقة بتلك الفتاة وتمرض، فيطلب من مأمور السجن أن يخرج لساعات محدودة لزيارة زوجته على أن يعود أخذا على نفسه كلمة شرف، فيوافق المأمور ولكن دائما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن عندما يتم التفتيش المفاجئ على المساجين.
فيلم كلمة شرف
وينضم لهما فيلم "أريد حلا" للراحلة فاتن حمامة الذى يعد من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية والذى أنصف المرأة وعُرض عام 1975.
تدور قصته حول امرأة تستحيل الحياة بينها وبين زوجها الدبلوماسى، وتطلب منه الطلاق، ولكنه يرفض فتضطر للجوء إلى المحكمة لرفع دعوى طلاق، تدخل فى متاهات المحاكم، وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات التى تهدر كرامتها وتتعقد الأمور عندما يأتى الزوج بشهود زور يشهدون ضدها فى جلسة سرية وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات.
وبعد عرض الفيلم رضخت القوانين لمحاولة إنهاء هذه المعاناة الدائمة وأُصدِر "قانون الخلع" الذي يعطى للمرأة حق تطليق نفسها بنفسها، ولكن بشرط أن تتنازل للزوج على كل مستحقاته.
فيلم أريد حلال